يشهد لبنان عواصف ضربت الحياة السياسية فيه، كما ضربت فضاءه ثلاث عواصف جوية، هي “بوتين” و”اورسولا” و”تالاسا”، منذ تشرين الثاني الماضي، أي منذ اللقاء الاول الذي عقد في باريس بين رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري ورئيس “تيار المردة” النائب سليمان فرنجيه، وقد أكد الاول دعمه ترشيح فرنجيه، متخليا عن مرشح قوى 14 آذار رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع من دون ان يعلمه مسبقا.
وأفاد “النهار” مصدر متابع للاتصالات التي أفضت الى تبني جعجع ترشيح رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون أن تنازل رئيس “القوات” أتى ردة فعل مباشرة على خطوة الحريري. وأكد أن ما جرى في معراب كسر الجمود المتصل بالملف الرئاسي الذي كان يراوح مكانه بعد فشل مساعي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع ايران لتحقيق اي تقدم يفضي الى ملء الشغور الرئاسي، وان الاجواء التي سادت هي ان طهران لن تقبل البحث في أي ملف سياسي في لبنان قبل التوقيع على تقليص البرنامج النووي بين الدول العالمية من جهة وايران من جهة اخرى.
وتجدر الاشارة الى أن الراعي سيقابل اليوم السبت البابا فرنسيس وسيطلعه على هذا التطور في المصالحة بين قوتين مسيحيتين، والذي يقوي الموقف الماروني في المعادلة السياسية اللبنانية.
ودعا المصدر الى عدم التقليل من أهمية التحرك الحالي لسفير فرنسا إيمانويل بون، والمخصص لرصد المواقف بعد تنازل جعجع لعون في ما خص المنافسة على رئاسة الجمهورية. وأمس قابل فرنجيه واستفسر عما إذا كان مستمرا في المعركة ضد عون، وما اذا كان هناك من اتصالات للاجتماع به. كما استوضح اول من امس الخميس من جعجع على مدى ساعتين، آفاق معركته وحظوظ الجنرال وأسئلة كثيرة مطروحة على ألسنة السياسيين، منها لماذا تريث “حزب الله” في التعليق على تبني جعجع لعون؟ ولماذا ألغى اجتماعه الاسبوعي ومؤتمره الصحافي الذي كان محددا ايضا الخميس الماضي؟
وأفاد المصدر أن بون سيكمل جولته على المعنيين بهذا الاستحقاق لإرسال تقرير الى الرئيس فرنسوا هولاند قبل القمة التي سيعقدها مع نظيره الايراني حسن روحاني الخميس المقبل لمناقشة سبل تذليل كل ما يعترض انتخاب رئيس للبنان في أقرب وقت، علما أن الثامن من شباط المقبل، موعد الجلسة الـ35 لانتخاب رئيس للجمهورية، هو المحك.
وكان لافتا انزعاج الحريري من وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بعد نأي لبنان بنفسه في مؤتمر وزراء الخارجية العرب الذي عقد في القاهرة الاحد الماضي، إذ تفرد باسيل باتخاذ موقف معارض للتضامن مع السعودية ضد الممارسات الايرانية مخالفا الاجماع العربي الذي كانت تعتمده الديبلوماسية اللبنانية في مؤتمرات مماثلة، وجدّد الحريري هجومه على باسيل لأن السفير لدى المملكة عبد الستار عيسى الذي مثّل لبنان في المؤتمر، اتخذ الموقف نفسه لجهة النأي بالنفس عن التضامن مع المملكة وادانة ايران وتدخلاتها في شؤون بعض الدول العربية.