لا يمكن لأي متابع للسياسة السعودية منذ تأسيس المملكة على يد المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود، وحتى اليوم، إلاّ أن يرى أنّ سياسة المملكة ثابتة لا تتغيّر ولا تتعامل بردود الأفعال، وهي تتحلّى بمزايا عديدة أبرزها اثنان: الحكمة وطول البال، على قاعدة الديبلوماسية الهادئة.
أمام ذلك يتساءل الناس: ما الذي حدث لكي تأخذ المملكة هذه المواقف الحاسمة في السنوات الأخيرة خصوصاً الموقف من قطر؟
ديبلوماسي كبير في إحدى العواصم أفادنا أنّ القضية ليست بنت اليوم… وهناك ديبلوماسي قطري معارض يقيم في إحدى العواصم الأوروبية يقول إنّ حكام قطر الحاليين يتبنّون بعض الشخصيات المعارضة في بلدان خليجية ويدعمونهم بالمال وحتى بالسلاح ويحضرونهم للدخول من خلال موجة الإرهاب، خصوصاً من خلال «الإخوان المسلمين» الذين تعتبر قطر الراعية الأساسية لهم وهي التي تستضيف يوسف القرضاوي أحد أبرز رموزهم، وأنّ هناك شبكة مسلحة إرهابية كانت تحضّر لعمليات ترهيب في المنطقة.
من هنا كان لا بدّ من اتخاذ إجراءات خليجية ومصرية حاسمة تضع حداً لهذا التمادي واللعب بأمن المنطقة وبأمن الدول، خصوصاً وأنّ المملكة العربية السعودية تخوض معركة مصير في اليمن، ولا يمكن أن تترك إيران تدخل الى الخليج من خلال اليمن.
صحيح أنّ المملكة تأخرت، بل انها تأخرت كثيراً للتدخل في اليمن، ولكن هذا التأخير ينطلق من عدم رغبة المملكة في أن تلجأ الى السلاح… ولكن مشروع ولاية الفقيه، وما قاله عام 1982 الإمام الخميني في وصيّة له إنّه يرجو أن يرفرف العلم الإيراني فوق مكة والمدينة والقاهرة والكويت وبغداد ودمشق وبيروت وعمّان الخ… لذلك فإنّ عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني حذّر قبل سنوات من الهلال الشيعي.
من هنا، وبينما المملكة تركز على إفشال المخطط الإيراني، ترى أنّ دولة قطر تتآمر مع عدو المملكة، أي إيران، ومع «الإخوان المسلمين»، ومع الحركات الإسلامية المتطرفة ضدّها، أي ضد المملكة، علماً أنّ وزير الخارجية القطري اعترف أمس بدعم الإرهاب محاولاً التخفيف من نسبة هذا الدعم!
إلى ذلك، يتساءَل كثيرون: لماذا تشارك مصر في هذه المسألة المحصورة حالياً بين أربع دول خليجية: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين من جهة ودولة قطر من جهة ثانية؟!.
والجواب هو لأنّ مصر هي الأكثر تضرراً من قطر، فمنذ وصول الرئيس عبد الفتاح السيسي الى الحكم بإرادة شعبية غير مسبوقة عبّرت عن ذاتها في تدفق عشرات الملايين الى الشارع… منذ ذلك الحين وقطر تحتضن «الإخوان المسلمين» وتزوّدهم بالمال والسلاح ووسائل تنفيذ العمليات الإرهابية… وهذا كله مرفق بأكثر الحملات الإعلامية ضراوة على بلد من البلدان عبر الهجوم المبرمج، اليومي، غير المنقطع على مصر من قناة «الجزيرة»…
عوني الكعكي