IMLebanon

“فيديرالية أجندات”!!

لا ندري بعد ذاك اليوم الدموي الجمعة الماضي، الذي شكّل احدى “غزوات” الحرب الارهابية المعولمة، كم يمكن اللبنانيين ان يستكينوا من دون جزع الى سلوكيات القوى السياسية “الكبرى” كضمان او عامل ثقة “بحكمتها” ونضجها للإبقاء على حزام أمان بتنا نخشى فكفكته بأسرع مما يتصوره الجميع.

نحن الآن أمام مرأى ازمة سياسية تتسع وتتشظى في كل الاتجاهات وتكشف قوى سياسية تشارف بمجموعها على الإنهاك والعجز مهما كابرت وزعمت العكس. ولن يبقى افتضاح هذا الواقع مختبئاً وراء الخطوط التقليدية للصراع الداخلي بل ان شل الحكومة بدأ يظهر مشهداً مختلفاً قد يكون من أبرز معالمه تكريس “فيديرالية” الاجندات وليس فيديرالية الحكم. والحال إن الفارق كبير بين “الطرازين” ولسنا الآن في معرض إثقال الناس بتنظير اضافي ممل. فما يعنينا هو الخوف من ان يشكل انفراط عقد هذه الحكومة تحديداً نذير دفع قسري للبنان، في توقيت لعله الأخبث والاسوأ، قصداً أم عفواً، نحو تشليع ورقة التين الدستورية الاخيرة التي تستر بقايا مظلة الأمان الداخلية.

يكفي إلقاء نظرة بانورامية على شوارع القوى السياسية لتبين خطورة غرق هذه القوى في اجنداتها الخاصة، علماً ان ثمة معادلة ثابتة تاريخية تحكم لبنان في كل الظروف والحقبات وهي ان صعود هذا النوع من الاجندات غالباً ما يكون ممهداً لخسائر من الطراز الوطني الفادح. ومع استماحة العذر لانزلاقنا الى المعجم المذهبي الفاقع، نقول إن اجندة الشارع الشيعي باتت ترتبط ارتباطاً لا فكاك منه بمعارك دمشق وحمص وحلب والقلمون كحرب مصيرية بالكامل. واجندة الشارع السني أضحت أمام خطر المواجهة القاتلة بين التطرف والاعتدال. واجندة الشارع الدرزي تكاد تُختصر بمصير دروز سوريا وما أصابهم وما قد يصيبهم في أخطر الفصول المقبلة. أما اجندة الشارع المسيحي فلعلها تعصى على اي وصف مبسط. وترانا هنا اقرب الى الضياع في الحديث عن اجندة مسيحية عامة لفرط ما امعنت تقلبات الازمة الرئاسية المديدة في توزيع الغرائب والعجائب في هذه “الساحة” الفريدة. ها نحن الآن أمام مزيج من النماذج عن انصراف المسيحيين الى عوالم اخرى مختلفة عن سائر الشركاء المأزومين. يمتزج العمل على “ديموقراطية” استطلاعات الرأي بافتعال أزمات التعطيل، والتهليل لإعلان النيات الحسنة بالغموض البناء حيال المعركة الرئاسية، وادانة الفراغ بالتمديد لمسبباته. ولا نعرف ما اذا كنا سنكون يوماً أمام استفاقة مسيحية، ولا نقول اجندة، حيال الاولويات الحقيقية التي تمليها مواجهة ذاك الزاحف على المنطقة ولبنان.

أقله “كانت” الحكومة حتى الامس تستر “فكفكفة” الاجندات، فمن تراه سيلملم الشتات بعد الآن؟