Site icon IMLebanon

شعار الفيديرالية من الصيفي الى الرابية مَن هم أطراف “المنازلة” التي يهدّد بها عون؟

كان المشهد لافتا في الصيفي قبل يومين: المقر المركزي لحزب الكتائب يستقبل مكونات المشهد السياسي من اقصى اليمين الى أقصى اليسار ومن 8 الى 14 آذار، وفود من “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” و”المستقبل” و”القوات” و”تيار المردة” وحركة “أمل” والحزب التقدمي الاشتراكي، ومستقلون اجتمعوا في مشهد قل نظيره في تلك المرحلة، وهو ما دفع أحدهم الى المقارنة “بين وفود يتم استدعاؤها بالبوسطات وأخرى تأتي بملء ارادتها دون دعوة او حشد للاستماع الى خطاب تعبوي”. وبدا واضحا انه يغمز من قناة رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” النائب ميشال عون، وإن تعمّد الاشارة الى انه لا يقصد مديح الرئيس أمين الجميل الذي كان هناك مثل “أم العروس” مستقبلا مهنئي “الشيخ سامي” الذي خطف الاضواء في المبنى التراثي الذي ورثه الحزب من الانتداب الفرنسي بعدما كان قاعدة بحرية له “Base Navale” والذي قال عنه الرئيس الجديد للحزب ان قبضة الابواب فيه “تطلع في يدك” ان أردت فتح أحدها، وأنه يحتاج الى “نفضة” على غير صعيد في الشكل، وربما في المضمون، في بعض الحالات…

الاطلالة الجديدة للنائب الشاب وضعته في حرارة النجومية السياسية ولا سيما في أوساط الشبيبة عموما، و”البشيرية” كذلك اذ يرون “بشيرهم” من خلال سامي، كما من خلال نجله نديم، وقد فوجئ “الشيخ سامي” بحجم الرسائل والاتصالات التي ترده من طرابلس وبيروت ومناطق لا وجود لحزبه فيها، ومن زمان، له رصيد و”شعبية” في الاوساط العونية، وقد تحركت اكثر هذه الايام بعدما تقدم عليه الجنرال في الدعوة الى اعتماد نظام الفيديرالية او التهديد بها، ويدل على ذلك تكرار الكلمة بشكل لافت وبوقت قياسي في الحديث الصحافي نفسه، وفي الخطاب نفسه! ويبدو انها تظهّر من خلال تعميم من الرابية عبّر عنه قبل أيام بشكل فاقع الاقرب الى الجنرال الوزير جبران باسيل، ومحطة التلفزيون التي يملكها والتي جاء في مقدمتها أخيرا: “اذا خيّرنا يبن الحرية والتعايش، نختار الحرية”…

كثيرون يدغدغ مشاعرهم طرح الفيديرالية ولا سيما في زمن الانقسامات، الافقية منها والعمودية، ومن الظلم تحميل وزرها للتكتلات السياسية المسيحية وحدها، وهي أجواء أعادت البلاد الى زمن “الجبهة اللبنانية” و”الحركة الوطنية” حيث كانت الحرب في أحد وجوهها بين مشروعين، وكانت الفيديرالية عنوان مشروع “الجبهة”، وقد أعلنتها صراحة بعد نقاش طويل في اجتماعات عُرفت بـ”خلوة سيدة البير” وثبت بعد معلومات تناهت الى مراجع مسؤولة في تلك الحقبة، نهاية السبعينات، أن “مشروع التقسيم” وعماده الفيديرالية، غير قابل للتطبيق في لبنان، لأسباب كثيرة غالبيتها اقتصادية استهلاكية، ولاعتبارات اقليمية، من هنا تعمّد الجميل الشاب تأكيد الحرص على مركزية الدولة في كل حديث له عن الفيديرالية واللامركزية الادارية الموسعة التي وردت في اتفاق الطائف، ويشهد له انسجامه مع طروحاته من معارضيها كما من مؤيديها، خلافا لما هو حال الجنرال الذي يشهر سلاح الفيديرالية عندما يُحشر في زاوية المناكفات السياسية، وقد جعلها في الفترة الاخيرة عنوان المرحلة، حتى بدت كأنها البند الاول على جدول أعمال “العقد الجديد” او “المؤتمر التأسيسي” وما شابه من تسميات تبرز في العناوين بين فترة وأخرى لغايات ومآرب شتى…

وفي مقابل دفاع من المتعاطفين مع الطروحات العونية والمؤيدين لها، وتذكير من سياسيين وسطيين لصاحبها بأنها تستبطن مطالبة بتعديل الدستور، فان خصوم عون السياسيين يتمنون عليه “بعض التواضع” ويذكرونه بأن لهم رأيا متواضعا في بت مصيرهم الوطني، ويدعونه الى التوقف عن استعمال عبارات استفزازية تصيب حلفاءه قبل غيرهم، وقد بدوا في المقلب الآخر، نتيجة تكاثر الحديث عن حقوق المسيحيين، وقد أصابتهم شظايا التهديد بـ”المنازلة” ولا أحد يعرف حتى الآن منازلة من؟ وكيف ومتى؟

ومن هؤلاء من يذهب بعيدا اذ يرى ان عون “يحتكر تقرير مصير اللبنانيين تحت غطاء الدفاع عن المسيحيين، تماما كما يحتكر حلفاؤه التفكير عن اللبنانيين وتوريطهم في الحرب الدائرة في سوريا وفي أماكن أخرى تحت غطاء الدفاع عنهم”. بيد أنه من التسرع تحميل “حزب الله” وزر الطروحات العونية الاخيرة، فهو لم يدل بدلوه حتى الآن في الموقف من الدعوة الى الفيديرالية، وذلك بعد اعلانه رفض مسايرة عون في الحملة على الحكومة، مؤكدا بلسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم الحرص على استمرارها، ولذلك سيكون السؤال مشروعا عند الحديث الجدي، عن مستقبل العلاقة بين الحليفين، سواء من خلال الموقف من الفيديرالية، او من خلال الحملة المتصاعدة على الحكومة، والتي تصب في خانة استكمال تعطيل المؤسسات الدستورية.

ولعل جلسة مجلس الوزراء المقررة غدا الخميس يمكن ان تحمل ملامح المرحلة المقبلة تهدئة او تصعيدا. واذا كان في الحكومة من يدافع عن عون في “الملمات” فان فيها ايضا من يتحداه ان يعلن الخطوط العريضة لمشروعه في الدفاع عن حقوق المسيحيين، والذي يرفعه هذه الايام، ويعتبر ان “نقطة ضعفه تكمن في مطالبه ذات الطابع الشخصي والعائلي تحت غطاء الدفاع عن المسيحيين”!