IMLebanon

فيديرالية بلا مركز في مجلس الوزراء

حكومة الرئيس تمام سلام ليست حكومة بمقدار ما هي فيديرالية تكتلات وزارية واحيانا فيديرالية وزراء. وليس في أدائها ما يوحي انها حكومة مصلحة وطنية كما سماها رئيسها بل ما يجعلها حكومة مصالح ضيقة دون مستوى الوطنية وأحياناً مصالح واسعة عابرة للوطن. ولا مفاجأة في الأمر الا لأصحاب الرومنطيقية السياسية. فمن طبائع الأمور أن نصل الى مثل هذه الحال عندما تضم الحكومات كل أطراف الطيف السياسي من دون التفاهم سلفاً على برنامج سياسي واقتصادي ومالي قابل للتحقيق، بدل اخفاء الخلافات خلف بيان وزاري يتم صوغه بالتفاوض بعد التأليف. ومن أحكام الوقائع المؤثرة ان يزداد تعقيد الوضع وسط ارتباط الازمات والمواقف الداخلية بالازمات والصراعات والمواقف الخارجية.

وليس اخطر من فيديرالية الوزراء سوى فقدانها ما هو ضروري في أية فيديرالية: مركز القرار وادارة العمل في القضايا الأساسية. وما يحدث في مجلس الوزراء هو، في الشكل، حوار حول تنظيم المركز، وفي المضمون، الغاء للمركز. والكل يتصرف على أساس ان المسألة هي ان يستقيل أو لا يستقيل الرئيس تمام سلام في غياب رئيس للجمهورية. لكن الحكومة، ولو لم يستقل رئيسها، مستقيلة من مسؤولياتها عن قضايا البلد والناس. والمجلس النيابي مستقيل من مسؤولية التشريع ومن الواجب في انتخاب رئيس. فلا جلسات للتشريع بحجة الشغور الرئاسي، ولا اكتمال للنصاب في جلسات الانتخاب ليصبح لنا رئيس.

والقاسم المشترك بين المواقف في الداخل والخارج هو الحرص على بقاء الحكومة العاجزة خوفاً من اكتمال الفراغ باستقالتها. لكن الحرص على بقاء الحكومة يفقد جدواه ان لم يرافقه تسهيل العمل في مجلس الوزراء، لا تعطيله. وهو، مع التعطيل، تأكيد لاستمرار الشغور الرئاسي الى مدى غير منظور. فالتطورات والاحداث الاقليمية والدولية التي يربط بها كثيرون انتخاب رئيس للبنان طويلة ومعقدة من سوريا والعراق واليمن. وليس في خطاب واشنطن وطهران بعد الاتفاق النووي ما يوحي ان المواقف الاساسية مرشحة للتغيير، ولا أن ترتيب الحصص في النظام الأمني الاقليمي وراء الباب.

والجدل حول مصير الحكومة هو هرب من الحوار حول انتخاب رئيس. والتكيف مع الشغور الرئاسي وسط تغيير الدول في المنطقة هو دعوة الى سقوط النظام الذي لم يسقط بالحرب. ولا أسف بالطبع على سقوط نظام فاشل معطل بما هو اكثر من الطائفية والمذهبية. لكن المشكلة ان موازين القوى والمصالح حالياً تقود الى نظام أسوأ لا أفضل.