الأزمات المتناسلة في لبنان، معطوفةً على سؤ المسؤولين وفسادهم المزمن، أدّت إلى تداعيات مزمنة تطرح، بالضرورة، القضايا المصيرية، وما يرافقها من مخطّطات، وأقله من أفكار، بعضها يبلغ حدوداً محفوفة بمخاطر حقيقية.
ولا نكشف سرّاً إذا قلنا إنه في غير طائفة ومذهب تتولّى مجموعات من «الخبراء» في مجالات الدستور والقوانين عموماً، وضع تصور لكيفية التوصّل إلى صيغة ما، يُجمع عليها اللبنانيون، وتحمل في طياتها بوادر استقرار يحتاجه لبنان بقوّة بعد هذا القدر من التجارب المرّة التي عاشها اللبنانيون، منذ الاستقلال حتى اليوم، والتي طغت على مراحل الهدوء والراحة والازدهار (…).
كما لا نكشف سراً إذا قلنا إن الأمر لا يُقْتَصَر على طيفٍ واحد من الأطياف اللبنانية، فالجميع يبحث، والجميع يأمل بالتوصّل إلى قاسم مشترك مع الأطياف الأخرى.
وفي المعلومات الرصينة أن وراء هذه المجموعات مرجعيات دينية وسياسية وقيادات إلخ… علماً أن هذه المرجعيات لا تظهر بوضوح في الصورة، وبعضها لا يظهر أبداً، ولكنه يتلقّى تقريراً مفصّلاً إثر كلِّ اجتماع.
ولعل السقف الأعلى الذي يركِّز عليه بعضهم هو طرح الفيدرالية نظاماً للبنان… ولقد تقدّم هذا الطرح كثيراً من حيثُ ما بلغه، خصوصاً أن هناك مسعىً جدّياً، لدى إحدى المجموعات، لدمج الأفكار «المتجانسة» من مشاريع عدّة والانطلاق منها نحو مشروع موحَّد.
وقد نتناول الخطوط العريضة لهذا المشروع الموحّد عندما يقرّه أصحابه نهائياً، فيصبح قابلاً للنقاش مع سائر الأطراف.
هذه لمحة سريعة عمّا يدور، بعيداً عن الأعين، في كواليس الأزمة الطاحنة التي تصيب لبنان.
ولكن السؤال يبقى: أيُّ أملٍ بالنجاح، لهكذا مشاريع؟!.
الجواب، في تقديرنا يستبعد تحقيق أي نجاح بالاقتناع، وبالمقدار ذاته ليس ما ينبئ بالأمل في التوصّل إلى قدرٍ مقبول من التفاهم الوطني العام، حول أي فكرة، فكم بالحري إذا كانت مثل الفيدرالية التى يعتبرها معارضوها المدخل المباشر إلى التقسيم والحروب، بينما يُصرّ الذين يرفعون لواءها على أنها، على العكس، الحلَّ الوحيد للوحدة الوطنيّة الحقيقية. ويضيفون: وهل كانت هناك فيدرالية قبل أحداث 1958 وتسببت بها؟ أو أن الفيدرالية هي التي تسببت بحرب السنتين (1975-1976) وما تناسلت من حروب؟!. ويسألون: هل أن عشرات الدول الفيدرالية، مثل سويسرا وروسيا والولايات المتحدة (و…)، مقسّمة أو موحّدة؟!.