IMLebanon

الفيدرالية والإنتخابات… في طرحها السلامة وفي “ضربها” الندامة؟

 

 

تدخل العناوين المهمة حيّز النقاش في الإنتخابات النيابية إذ إن المشكلات الكبرى يجب أن تحلّ وفق الأصول في بلد يدّعي أنه ديموقراطي.

 

قد تكون الإنتخابات النيابية فرصة لحلّ المشكلات السياسية، فصندوق الإقتراع هو الحكم، وفي معظم البلدان التي تحصل فيها نقاشات يذهب الجميع إلى ممارسة الإنتخاب لاكتشاف الأكثرية أين تميل.

 

لكن كل هذه الآليات المعترف بها عالمياً تغيب في بلد مثل لبنان، إذ إن أي قوة سياسية تخوض المعركة تُغيّب العناوين الإنتخابية وتصبح الإنتخابات وفق المصالح وليس لحسم الجدال القائم في البلد.

 

يعاني لبنان من مشكلات عدّة أبرزها سلاح «حزب الله» والفساد المستشري والنظام السياسي القائم، وكل تلك العناوين يعمل بعض الأحزاب والتيارات وقوى المجتمع المدني على تغييبها.

 

وبدل أن تكون الإنتخابات مع سلاح «حزب الله» أو ضده أو مع الفيدرالية مثلاً أو ضدها ويُترك الخيار للشعب اللبناني ليقرر، يتمّ طمس المشكلات في البلد من دون أن يتجرّأ أحد على تناول «لبّ» تلك المشكلات.

 

إذاً، تعتبر الفيدرالية من أبرز النقاط الخلافية التي كانت مطروحة، فالمكوّن المسيحي طرحها في الحرب لحماية وجوده وسط تمدّد السلاح الفلسطيني، فكانت ردود فعل المسلمين عنيفة في رفضها تحت حجة أنها تقسيم مبطّن.

 

اليوم تختلف الأولويات، إذ إن وجود الدولة المركزية بات في خبر كان، فهذه الدولة نهشتها مافيا المال والسلاح وباتت غير قابلة للحياة، بل إنها تساهم في قتل اللبنانيين عمداً أو تهجيرهم من أرضهم، ولا يقتصر الأمر على المكوّن المسيحي.

 

ويعاني الشعب اللبناني من تصرفات «حزب الله»، ويذهب أيضاً بعض من الرأي العام السنّي للمطالبة بإيجاد حلّ، وإذا كان التقسيم عنده يحلّ هذه الأزمة فلا مشكلة، لكن أحداً لا يريد التقسيم بل إن الأساس هو إخراج الشعب من الدّوامة التي يعيش فيها.

 

وإذا كان بعض الجمعيات والتجمعات مثل المؤتمر العام الدائم للفيدرالية الأجرأ بطرح هذا العنوان، إلا أن مطلب إعادة النظر بالنظام من جهة الإنتهاء من الدولة المركزية هو مطلب عام وليس مطلباً مسيحياً فقط.

 

ويُؤخذ على بعض الأحزاب، وعلى رأسها المسيحية منها، أنها لا تتجرأ حتى الساعة على طرح الفيدرالية وتكتفي باللامركزية الموسعة، بينما بات واضحاً أن إبن الأشرفية وكسروان والمتن والبترون وبشري على سبيل المثال هو من يدفع الضرائب، في حين أن الجميع يستفيد و»الدويلة» تفعل فعلها، فالمناطق الواقعة تحت سلطة «حزب الله» تستقوي بالسلاح ولا تدفع الضرائب ويستخدم «الحزب» مرافق الدولة مثل المطار والمرفأ لإدخال ما يحلو له من دون حسيب أو رقيب، في حين أعلن الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله منذ فترة أنه بدأ بتصنيع الطائرات المسيّرة ومستعد للإتجار بها، فأين الدولة من كل ما يحصل وهل ستفرض ضريبة على هذه الصناعة لتعزّز واردات الخزينة؟!

 

يطالب عدد من القوى السياسية باللامركزية الموسعة، في حين أن الدولة المركزية تسمح للقوي بوضع يده على كل الدولة وتسخير الأجهزة لخدمته، بينما اللامركزية الموسعة أو الفيدرالية ستجعله يُحرم من هذه المكتسبات، لذلك فإن إقرار مثل هكذا نظام بات أكثر من ضرورة، ليس لحفظ وجود المكون المسيحي لوحده، بل لكل لبناني يريد أن يعيش في البلد الذي يحلم به.

 

بات من الواضح أن سلوك «حزب الله» سيدفع إلى المزيد من المطالبة بالإنتهاء من الدولة المركزية، وهذا الأمر لمّح إليه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في أحد مواقفه، لذلك فإن كرة الثلج ستكبر، لكن كان الأجدى أن يكون طرح السلاح والفيدرالية مناسبة لخوض الإنتخابات على أساسهما لأن حفلة التكاذب أودت بلبنان إلى الإنهيار وربما تشكل الفيدرالية الحل الأنسب.