Site icon IMLebanon

سقطت «جسر الشغور».. ماذا عن الحكومة؟

مخاوف من توسّع دائرة تصريف الأعمال

سقطت «جسر الشغور».. ماذا عن الحكومة؟

نجح العماد ميشال عون في جعل الجميع، من دون استثناء، يهجسون بسؤال واحد «الى اي مدى يمكن ان يصل الجنرال في معركته المفتوحة ضد التمديد للقادة الامنيين والعسكريين؟ واستطرادا هل سيطيّر حكومة الرئيس تمام سلام؟».

في الاسابيع الماضية، قدّم المشهد الاقليمي ما يعزّز حجّة القائلين بأن تطيير المؤسسة الدستورية الوحيدة العاملة، في ظل «كوما» الرئاسة ومجلس النواب المخدّر، هو مشروع انتحار لا احد بوارد تبنّيه، بمن فيهم ميشال عون نفسه.

تنتهي العمليات العسكرية الجوية في اليمن على وقع خطاب مذهبي غير مسبوق في المنطقة يبعد أكثر فأكثر ملامح الحلّ السياسي. وفي سوريا تسيطر «جبهة النصرة» بالكامل على مدينة «جسر الشغور» الاستراتيجية في ريف إدلب في ضربة مؤلمة لنظام بشار الاسد تفتّح الاعين صوب اللاذقية والخط الساحلي السوري. اسرائيل تدخل بالمباشر على خط القلمون وتنفّذ غارات تعيد، بالنسبة لكثيرين، خلط الاوراق وتطرح تساؤلات حول ارتداداتها على الحدود الشرقية… وقائع ميدانية تتزامن مع حديث لبناني لا ينتهي عن رئاسة صارت تحتاج ـ ربما ـ الى مؤتمر تأسيسي لترى النور!

في الميدان اللبناني تبدو الاهتمامات محدودة. بين الموازنة وتشريع الضرورة والصراع العلني على التمديد للضباط الكبار، تتزايد الاحاديث حول إمكانية سقوط حكومة تمام سلام في المحظور، لتتحوّل بين ليلة وضحاها الى حكومة تصريف أعمال.

من داخل الكادر البرتقالي، إصرار على الايحاء بإبقاء كل الاحتمالات الواردة، ومن ضمنها الاستقالة او الاعتكاف، ردّا على «شواذ» لا يريد عون ان يحوّله الى «قاعدة»، مع رفض مطلق لأي تسوية تأتي على حساب التعيين، خصوصا بعدما صار مقرّبون من عون يردّدون «لقد توافقوا على ان لا يتوافقوا في مجلس الوزراء على تعيين بدلاء عمّن أحيلوا الى التقاعد من الضباط، وهذا ما لن نقبل به بعد اليوم».

خارج هذا الكادر قراءة براغماتية، تتقاطع مع حق «الجنرال» في التمسّك بموجبات القانون، لكنها تختلف معه في معاندة الظروف والوقائع، لتخلص الى نتيجة حتمية «الحكومة الحالية مطلب خارجي، وداخليا هي حاجة للجميع لا قدرة لاحد على الاستغناء عنها».

بعد تلاوة موجبات تمديد، تشرّعه الظروف الطارئة وغياب رئيس الجمهورية، يرى هؤلاء ان على ميشال عون ان يأخذ بالاعتبار جملة معطيات في معركته المفتوحة ضد التمديد لمدير عام قوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص وقائد الجيش العماد جان قهوجي، وقد يكون أهمّها ان «حزب الله» الذي وقف معه الكتف على الكتف، ولا يزال، في موضوع رئاسة الجمهورية لم يعتمد القاعدة نفسها في محاكاته لملف تعيين بديل عن قائد الجيش.

وبنظر هؤلاء، ليس التمديد الاول للعماد قهوجي هو الدليل، بقدر عدم وضوح الرؤيا حتى الساعة من جانب الحزب حول موقف الاخير في حال لجأ عون الى خيار الاستقالة او الاعتكاف. وفي هذا السياق، يجزم مطلعون، بأن «حزب الله» لم يبلّغ العماد عون بالمباشر، او عبر وسطاء، اين سيقف في حال نفّذ «الجنرال» تهديده برمي ورقة الحكومة بوجه الجميع.

موقف الضاحية الاكثر وضوحا في هذه النقطة يتبدّى من خلال حديث نواب ووزراء الحزب المتكرّر عن ضرورة التمسّك بالتوافقية داخل مجلس الوزراء، وحين تسقط هذه القاعدة سيكون للحزب مقاربة اخرى يجزم كثيرون انها نسخة طبق الاصل عن مقاربة الرئيس نبيه بري والنائب سليمان فرنجية وقوامها «بين التمديد والفراغ الخيار مع التمديد».

أكثر من ذلك، يتساءل هذا الفريق عن مكاسب عون ومحور «8 آذار» في حال تحوّل تمام سلام من رئيس حكومة تقيّده تواقيع 23 وزيرا الى رئيس حكومة تصريف أعمال مطلق الصلاحيات، فيدخل «نادي الاقوياء» مستنسخا تجربة الرئيس فؤاد السنيورة في «سولو» الحكم، او متقمّصا حالة رئيس الحكومة القوي والنافذ على غرار تجربة الرئيس رفيق الحريري!

وهنا لبّ الموضوع. هل من مصلحة لاي فريق بوقف انتاجية الحكومة، على قلّتها، وتحويلها من حكومة الشغور الرئاسي الى حكومة «الشغورين» (رئاسة وحكومة)؟ طارحو السؤال يقدّمون الاجابة: بعد اشهر قليلة من انطلاقة الحكومة أدرك «حزب الله» و «تيار المستقبل» معا بأن تمام سلام هو فعلا رجل المرحلة، كونه الاقدر على استيعاب فراغ قد يعمّر طويلا. وهي نقطة تلاقٍ فعلية بينهما حتى قبل ان يجلسا إلى طاولة الحوار. فإذا كان السيد حسن نصرالله والرئيس سعد الحريري يغطّيان استمرار الحكومة، فمن سيهزّها؟.

وعلى سيرة الشغور، يستذكر احد الوزراء السابقين عبارة لنائب تكتل «لبنان اولا» نهاد المشنوق في حزيران 2011 وصف خلالها حكومة نجيب ميقاتي بعد الاعلان عن مراسيم تشكيلها بأنها «حكومة جسر الشغور»، مفترضا يومها بأنه بعد الحسم السوري العسكري في جسر الشغور اتى أوان الحسم السياسي بتكليف ميقاتي!

واليوم يتساءل الوزير نفسه: سقطت مدينة جسر الشغور مجدّدا بأيدي «النصرة» والارهابيين «فهل نتوقع سقوطا لحكومة تمام سلام.. ام تعويما يسمح بتمريرالتعيينات الامنية، تحت حجة استكمال الحرب ضد الارهاب، من دون ان تهتز الحكومة؟