ثلاثة وزراء أرثوذكس من حصة رئيس الجمهورية. الرابع وزير «قواتي» جَمع المجد من طرفيه بتعيينه نائباً لرئيس الحكومة، الموقع شبه السيادي، مع حقيبة خدماتية بامتياز.
لكن مَن رَفع شعار ميشال عون «لن يخرج من معركة الرئاسة إلا شهيداً» تحوّل الى شهيد الحكومة الأول. ايلي الفرزلي، «المنظّر» الأول لوصول «الجنرال» الى الرئاسة، صار خارج الفريق الأرثوذكسي الوزاري «الحاكم».
«دولته» يقيس الأمور من منظار آخر تماماً. يقول لـ«السفير» «منذ اللحظة الأولى كان يقيني أنني لن أكون في عداد الحكومة حتى لو قالها فخامة الرئيس شخصياً».
وما هو السبب؟
يردّ «عندي تقييمي للعقليات ولمصالح القوى والخلفيات والنيات والأدوار والوظائف السياسية. لذلك كنت أعرف سلفاً النتيجة، لقد «صُنعت» صورة أني لم أربح المعركة على المستوى الشخصي، لكني ربحتها موضوعياً. فهاجسي الأول قانون الانتخاب، أما حكومياً فحقي وصلني».
وهل «الفيتو» أتى من «أهل البيت» أو من خارجه؟
يقول الفرزلي «هذه زبدة الموضوع». لم يشأ نائب رئيس مجلس النواب الأسبق الردّ بأكثر من ذلك «كي لا أظهر وكأني أدين أي طرف».
في الدقائق الفاصلة عن صدور مرسوم تشكيل الحكومة، تلقى الفرزلي اتصالين من شخصيتين مقرّبتين جداً من عون. في الأول، «تبريك» بحقيبة وزير دولة لشؤون مكافحة الفساد. لكن الفرزلي ظلّ على رأيه «بأنها لن تقطع». الاتصال الثاني، أكّد شكوكه حين اعتذر المتّصل عن عدم ورود اسم «دولته» في التشكيلة.
في صباح الحكومة الأول، تصّرف الفرزلي بكبرياء العارف. اتصل ببعبدا وطلب موعداً من الرئيس عون «نعم، الآن أستطيع أن أزوره من دون أن اتّهم بأنني من المستوزرين».
يؤكد الفرزلي أن اسمه، وفق التسريبات، كان وارداً ثم «شطب» خلال الاجتماع الثلاثي في قصر بعبدا، أمس الأول.
من أين أتى الرفض تحديداً؟ يجيب:»لا أعلم. أنا لم أفاتح أحداً بالوزارة ولم أطلب شيئاً لنفسي».
وهل حكومة تتّسع لكل هذه الأسماء لا تتحمّل اسم ايلي الفرزلي؟ يردّ «أعلم بوجود شيء غلط، لكن لا تفسير لديّ».
يقرّ «أخيراً ارتحت. أعيش ضغطاً منذ نحو شهرين. الناس لا تُلام فقد كنت الواجهة الإعلامية لمعركة رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب، ومنطق الأمور ربما كان يوحي بالتوزير الحتمي».
يتجاوز الفرزلي التفاصيل ليصل إلى الأهمّ «إنها الحكومة التي اختار المسيحيون المسيحيين فيها. 15 من أصل 15، فمقابل غطاس خوري هناك وزير سني من حصة عون، وجان اوغاسبيان هو من الحصة الأرمنية حتى لو في كنف سعد الحريري. هذه قصة كبيرة مرتبطة بوجود عون الميثاقي في بعبدا».
ويرى أن تقويم الاعوجاج حصل بمعزل عن تطور الوضع الإقليمي وعن «النوعية». يقول: «أنا عايشت تأليف الحكومات منذ العام 1992 ومن مواقع مختلفة. وهذه سابقة مسيحية. من هنا أهمية قانون الانتخاب لناحية ضمان استمرارية شعور المكوّنات بأنها تنتج ممثليها».
لذلك يرتاح الفرزلي كثيراً حين يسمع سعد الحريري، بعد تأليف الحكومة، وهو يؤكد التزامه بإقرار قانون الانتخاب خلال شهرين ويفتح الباب أمام النسبية».
على المستوى السياسي والشخصي سيخوض «معركة دفن قانون الستين وإدخال النسبية كثقافة الى الحياة السياسية، والترشّح للنيابة في الصيف المقبل».
وماذا عن حصة رئيس الجمهورية «بيّ الكلّ» التي تضمّنت وجوهاً عونية تحمل بطاقات حزبية؟ يعترف الفرزلي «بالتماهي بين الرئيس و»الحزب». كلهم «تيار» وكلهم عون بنفس الوقت».
ومسألة إعطاء رئيس الجمهورية مساحة كبيرة للوجوه الحزبية العونية في فريق عمله تقود الفرزلي الى الاعتراف «أنا مستقل حتى لو خضت معركة رئاسة عون. واستقلاليتي ترجمت أيضاً يوم وقفت بوجه فريق 8 آذار ضد تطيير حكومة الحريري قبل ست سنوات، لكن هذا الواقع يقودني الى التساؤل هل أصبحت الشخصيات المستقلة ملزمة بالانضمام الى أحزاب او تأسيسها لكي تعمل في السياسة»؟
على المقلب الآخر، يرتاح الفرزلي لكون ثلاثة من أعضاء «لقاء السبت» وجدوا مواقعهم الى جانب رئيس الجمهورية «سليم جريصاتي كوزير وهو يتمتع بطاقة قانونية مميّزة، وجان عزيز كمستشار إعلامي، والسفير عبدالله بو حبيب مستشار رئاسي في ملف العلاقات الدولية».
«حزنه» الوحيد في الحكومة على حبيب افرام «كنت أتمنى لحبيب أكثر من نفسي أن يكون وزيراً. أولاً لأن طائفة السريان الارثوذكس تستحق، ولأن افرام كان قادراً أن يلعب دوراً مشرقياً حقيقياً». بالنهاية يعترف بأنها «حكومة عابرة ولن تكرّس أعرافاً».
وماذا عن رأيه بالوزراء الأرثوذكس الأربعة: «التقيت بغسان حاصباني مرة واحدة فقط وبحثنا مسألة «اللقاء الأرثوذكسي» ووجدته «جيداً».
عن يعقوب الصراف، يصفه بـ Bon papa، ونقولا تويني «صاحب العقل السياسي الغالب على وضعه الرأسمالي كابن الاشرفية». وماذا عن وزير الاقتصاد رائد خوري الذي زكّته ميراي عون الهاشم؟ يردّ الفرزلي «لا أعرفه»!