هذا هو التوقيع الخاص بنبيه بري. لا يمكن تقليده أو تزويره. من مدينة صور، أطلق رسائل مشفّرة سجّلت رقماً قياساً في تضارب القراءات حولها. يبدو الأمر شبيها بإحدى مسرحيات الأخوين الرحباني، عندما تتلقى «سلمى» رسالة من حبيبها ويفتضح أمرها، فيقرأ كل شخص فحوى الرسالة، كما يريدها وتبعاً لمصلحته..
بالنسبة إلى نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، بدأ «التشويش» قبل مهرجان صور من خلال «تلك الحملة الشعواء التي هدفت الى تهيئة الرأي العام بأن الرئيس بري سيرد بعنف على العماد ميشال عون». يتوقف الفرزلي بدقة عند أبعاد كل عبارة في الخطاب: «تحدث بري عن العبث السياسي في الدستور ولم يستثن نفسه واصفاً هذه اللعبة بالردّة على الوطن. وهنا نسأل: في أي أمر خالف العماد عون الدستور؟ وكيف تكون الرسالة موجّهة اليه؟».
وفي حديث بري عن أن «الحل بالاتفاق على قانون انتخاب يعتمد النسبية»، يسأل الفرزلي: «من يرفض النسبية في لبنان أليس تيار المستقبل؟»، معتبراً أن بري «يدرك أن الأزمة باتت تتجاوز مسألة الرئاسة لتشمل الوطنية برمتها». «اذا اعلن اليوم سعد الحريري تأييده لعون رئيساً فإن بري، برأي الفرزلي، لن يعترض ويقول لنتفق على الحكومة قبلا». وفي هذا السياق، يمكن التذكير بسؤال المقايضة من الحريري الى «حزب الله» عن رئاستي الجمهورية والحكومة وكان رد الضاحية بأن «الجواب في الرابية».
هل يُنزل بري جماهيره الى الساحات للضغط لانتخاب رئيس؟ يطرح الفرزلي السؤال، معتبرا ان دعوة بري «تعني انضمامه الى كل حراك هدفه وقف العبث بالدستور وهذا هو العنوان نفسه الذي يرفعه عون في تلويحه بالنزول الى الشارع»، ويخلص للقول: «الرئيس بري يؤكد ان قوة ناسه ستكون مع عون في تحركه وأتحدى ان يكون هناك اي كلام آخر وإلا هو كذب ونفاق وخفة سياسية. لقد أجهض بري كل محاولات المراهنين على أن يكون خطابه تصعيدياً ضد عون».
واذا كان فؤاد السنيورة غير معني، كما قال بالأمس لـ «السفير» برسائل بري، وهذا ما يمكن وضعه في خانة «الدهاء السياسي». فإن «التيار الوطني الحر» يفضل «التريث» قبل اطلاق موقف رسمي لا سيما ان رئيس المجلس ليس من عادته «رمي الكلام على عواهنه»، علما ان عضو «تكتل التغيير» النائب عباس هاشم يتلاقى مع خلاصة الفرزلي فيذكر «بأننا نزلنا الى الشارع في العام 2006 منعاً لتهميش الشيعة في الحكومة البتراء وما قرأته في كلام بري هو تأكيد بأنه سينزل معنا لأن المطلب واحد».
وريثما يصدر الموقف البرتقالي الرسمي، تدور في فلك الرابية قراءات كثيرة. برأي البعض أن ما صدر «يستوجب تصعيد المواجهة ضد رئيس المجلس». بينما يأخذ آخرون على بري بأنه «أمسك العصا من النصف في حين كان بامكانه ان يعزز مبادرته بقطع الطريق على المصطادين بالماء العكر». «فنحن في زمن ذكرى انشاء دولة لبنان الكبير القائم على الميثاقية التي تنتهك اليوم. قد لا يكون هناك قرار من الجميع بتغيير الطائف ولكن من ضمن معادلة الطائف، هل أتى من يسأل او يناصر المكون المسيحي المظلوم في حقوقه؟ هم يعيشون على فتات الطائف وينبذون اي جسم غريب عن «كارتيل» الاقطاع القائم».
يتوقف العونيون عند بعض العبارات التي يمكن ان تكون «حمّالة أوجه». فمسألة «الدلع السياسي» تصلح على الجميع ومن ضمنهم «التيار»، فاذا وضعناها جانبا، يصبح كل ما تبقى من الخطاب موجه، برأي هؤلاء، وعبر «البريد السريع» ضد «تيار المستقبل» الرافض للسلة وللنسبية ولو اعتبر نفسه غير معني بكل تلك الرسائل.