انتهى الملف النووي بين الدول 5 + 1 اي الدول الكبرى مع المانيا مقابل التفاوض مع ايران وتوصل الجميع الى اتفاق جدي للامور.
ومع ذلك لا يتوصل جعجع وعون بعد عشر سنوات من عودتهما الى لبنان الى وضع بيان نوايا مشترك.
وفي الوقت ذاته لا يتوصل حزب الله وتيار المستقبل الى نقاط اتفاق حول لبنان ومصلحته الضرورية.
ما هو لبنان اليوم؟
انه مزارع اقطاعية طائفية ومذهبية، حيث لكل مزرعة بيك، يجلس على رأس اقطاعيته الطائفية ويدير شؤون منطقته. والدولة غائبة فعلياً غير انها موجودة بقائمقام ومحافظ وضباط وآمري سرايا، لكن لم تختارهم الدولة بل اختارهم الاقطاعي كي يكونوا في منطقته.
وما هو لبنان اليوم؟
لبنان بلدٌ يغرق في افلاسٍ اقتصادي وصلت اليه المليارات وضاعت كلها في جيوب الاقطاعيين والسياسيين، المذهبيين والطائفيين، وبنى كل واحد ثروته ومجده على «ضهر» الشعب اللبناني، من الفساد في الوزارات التي تسلمها وصرف منها وغطت السرقات، ولم يستطع لا التفتيش المركزي ولا ديوان المحاسبة ان يحاسبا احداً او ان يتخذا اجراء ضد احد.
اول المخالفات كانت تعطيل المجلس الدستوري من قبل الرئيس السنيورة، فعطل المرجعية السياسية الاولى في البلاد، ولم تجرِ الانتخابات كما يلزم من ناحية الطعن في نتائجها. وارادوا للفساد ان يستمر، فقاموا بالتمديد للمجلس النيابي، وارادوا للفساد ان يستمر فسيطروا على القضاء اللبناني ووضعوا أيديهم على القضاء، وكل قاض يتمرد على القرار السياسي يتم نقله الى منطقة اخرى غير لائقة به، وكل قاضٍ يخضع للامور السياسية يتبوأ مركزاً هاماً.
وما هو لبنان؟
فالمليارات تدفقت عليه لانشاء محطات الكهرباء، واصبح ما هو مصروف على انقطاع الكهرباء اكثر من 16 مليار دولار، ومع ذلك يعيش اللبنانيون على المولدات الكهربائية، وعلى التقنين، ولا احد يحاسب. فالمزارع الاقطاعية المذهبية تحمي الواحدة الاخرى. ويقف كل اقطاعي مذهبي داعماً لاقطاعي اخر من غير مذهب لانهم اتفقوا جميعاً على «الشراكة» من اجل احلال الفساد على لبنان.
كل الموازنات التي اعترض عليها ديوان المحاسبة، وكل القضايا التي طالب بها التفتيش المركزي لم تصل الى نتيجة، بل كانت المخالفات تمر دائماً، ويستمر الاقطاعيون في دولة المزارع الطائفية، ويتحدثون في الوقت ذاته عن الوحدة الطائفية، وهم يعيشون في كونفدرالية، وليتهم يعرفون ثقافة الكونفدرالية الحقيقية.
فثقافة الكونفدرالية الحقيقية هي ان كل مسؤولٍ عن مذهبه او طائفته يقوم بتثقيف الناس على محبة الطائفة الاخرى، والحياة المشتركة، لكن لبنان الصغير والصعب على التقسيم يخضع لفدرالية طوائف ومناطق، حيث يسيطر كل واحد على تلك المنطقة ويأخذ خيراتها، واكثر من ذلك يتسلم وزارات، او يسلم ازلامه وزارات فيسرقونها. وبالنتيجة يقع العجز في الموازنة العامة بـ 4 مليارات دولار كل سنة، ويزداد الدين العام ولا احد يحاسب، اين ذهبت المليارات من الدولارات؟
فضائح بالجملة والاقطاعيون غارقون في السرقات، والاقطاعيون الطائفيون غارقون في انانيتهم ومصالحهم ويستولون على مصالح الناس، والناس كالقطيع يسيرون وراء الكراز الكبير، حيث يرن الجرس فيسير القطيع وراء الجرس، وكل يوم يخسر القطيع من عناصره هجرة الى الخارج، الى استراليا، وكندا، واميركا، وفنزويلا، والبرازيل، والخليج. حتى اصبحنا بلد الهجرة الاول في العالم وملأنا الدنيا جاليات لبنانية لا تسأل حتى عن اعطاء اولادهم حق الجنسية اللبنانية.
وما هو لبنان؟
بلدٌ لم تتم فيه المحاسبة منذ الاستقلال وحتى الان.. وبلدٌ تتوارث فيه الاقطاعيات السلطة في البلاد وكلٌ في منطقته، فلا تداول للسلطة ولا انتخابات حرة، ولا تقسيم انتخابياً الا على مزاج وخريطة الاقطاعي الطائفي، والاقطاعيون الطائفيون يوزعون التقسيم الانتخابي كي يأتي على مقاسهم، ويأتوا هم نواباً وكتلاً نيابية ليحكموا البلاد في الفساد.
النمو العام في البلاد هبط الى الحد الادنى، الاستثمارات متوقفة، الجمود الاقتصادي مسيطر، الشلل المالي العام ينتشر في البلاد رغم وجود اكثر من 160 مليار دولار ودائع في المصارف اللبنانية، ومع ذلك لا يرف جفن لاقطاعي طائفي حرصاً على البلاد، ولا يدق ناقوس خطر في ضمير لاقطاعي طائفي نتيجة هذا الهريان في لبنان. ونحن نتكلم عن ضمير لدى اقطاعي طائفي، فمن اين له ضمير، وهو يسرق شعبه، وسرق في وزاراته اموال الناس، وارتكب المخالفات، وحول كل وزارة الى دائرة فساد للاقطاعية المذهبية التي يرأسها؟
لا وجود للدولة في لبنان، ولا وجود لتراتبية في الدولة، ولا وجود لمحاسبة حقيقية في الدولة، ولا وجود لقانون انتخابي عادل في لبنان، ولا وجود لموازنات مفقودة من دون قطع حسابات في لبنان. كل الامور فالتة، في كل الوزارات سرقات، وكل وزير يسرق علناً ويعرف انه لا يوجد احد يحاسبه طالما ان الجميع غارقون في السرقة والفساد، وان مذاهبهم وطوائفهم تحميهم، ورئيس الجمهورية في لبنان لا يختاره اللبنانيون، ورئيس الحكومة لا يختاره اللبنانيون ايضاً، ولا كل الرؤساء يختارهم اللبنانيون، إما يأتون رؤساء نتيجة امر واقع، وإما بإرادة دولية لا تعرف مصلحة اللبنانيين.
الفساد ينخر جسم لبنان، والمرض الحقيقي هو الاقطاعية الطائفية المذهبية التي نشأت منذ الاستقلال وتكرست اكثر واكثر، واصبحت رسمية في دوائر الدولة ووزاراتها، وكل مرافق الدولة اللبنانية.
ومع ذلك لا كهرباء، ولا مياه، ولا بنية تحتية، ونفتش عن ضوء واحد لنشير الى ايجابية في وضعية الدولة اللبنانية، فلا نجد عند الدولة الا السلبيات، ولا نجد عند الاقطاعيين الطائفيين الا السرقات، إلا أننا نجد املاً كبيراً في الشعب اللبناني المعذب الذي يريد التغيير، لكن قانون الانتخاب التقسيمي الطائفي المذهبي يضعونه على قياسهم ليستمروا في حكم الشعب اللبناني في كل انتخابات، أو يمددون لانفسهم في المجلس النيابي، دورة وراء دورة حتى يستمروا في حكم الناس بالظلم والفساد والسرقات.
وما هو لبنان؟
انه خلافات سطحية كاذبة بين الاقطاعيين الطائفيين، واتفاق عملي على نهب الدولة وسرقة اموال الشعب اللبناني ولا احد يحاسب ولا احد يفتش. وطالما الحال هكذا فلا امل في النهوض بلبنان، الا اذا حصلت اعجوبة وسقطت الاقطاعيات المذهبية وفئة السارقين المرابين، وانتفض الشعب اللبناني عليهم وقال لهم ارحلوا عنا فانتم البلاء.