IMLebanon

أوراق موسكو قليلة وطاولات اللعب كثيرة

 

كما في موسكو كذلك في الرياض: رهانات على تنويع الخيارات الخارجية. والظروف تبدو ملائمة في مرحلة ما بعد الأحادية الأميركية لتجربة التوازن في العلاقات مع بلدان متنافسة. وأحيانا متصارعة. روسيا التي قادها التدخل في أوكرانيا وضم شبه جزيرة القرم الى شيء من العزلة والعقوبات، جعلها التدخل العسكري في حرب سوريا محجة بالنسبة الى الجميع. الطلب يتعاظم على دورها وسلاحها والتفاهم معها. وأميركا التي وصفتها أيام الرئيس باراك أوباما بأنها قوة اقليمية وجدت نفسها تصطف وراءها في سوريا عندما مارست دور القوة العالمية، وتنشغل بالتحقيق في تدخلها في الانتخابات التي حملت دونالد ترامب الى الرئاسة.

والسعودية التي في تحالف استراتيجي مع أميركا عملت ولا تزال خلال زيارات ملكية على تحسين علاقاتها مع روسيا بعد الصين وتمتين العلاقات مع أوروبا واليابان. وليس أهم من توقيع الاتفاقات في مجالات عدة خلال القمة بين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس فلاديمير بوتين سوى العمل المشترك في السياسة النفطية والسعي لتسوية الأزمات الاقليمية. واذا كان وزير الخارجية السعودي تحدث عن تطابق للآراء في المحادثات، فان الكل ينتظر الوقت والتجارب.

ذلك ان الرياض طرحت على الطاولة الروسية همومها. واهتماماتها الملحة: من التسوية في الصراع العربي – الاسرائيلي الى الحل السياسي في سوريا. ومن العمل على مكافحة الارهاب والتطرّف الى إلزام ايران الكفّ عن تدخلاتها في شؤون المنطقة وزعزعة الأمن والاستقرار فيها. وبوتين الذي تحدث عن السعي لايجاد حلول وسط حول ما يقلق السعودية في سوريا، مع تأكيد الحرص على عدم انعكاس الاتصالات الروسية – الايرانية على التعاون مع الرياض، يعرف ان مواجهة المحور الايراني الذي يعمل لتعاظم نفوذه في اليمن والعراق وسوريا ولبنان أولوية سعودية.

ومع ان موسكو تشجع الرياض على استئناف جهودها لجمع المعارضين السوريين في وفد تفاوضي واحد، فان السؤال هو: الى أي حدّ يمكن وصول العاصمتين المختلفتين في المواقف من الأزمة السورية الى حلول وسط في التسوية؟ والى أية درجة تستطيع روسيا اقامة توازن بين علاقاتها القوية مع ايران والجديدة مع تركيا والمميزة مع السعودية والممتازة مع اسرائيل والمتعددة الوجوه مع أميركا والتحالفية مع دمشق؟

مفهوم ان تصاعد الدور الروسي جاء في ظلّ الارتباك الأميركي والتقلب في المواقف والانسحاب الجزئي من الدور، بحيث أدار بوتين ببراعة امكانات بلاده المحدودة مقابل امكانات أميركا اللامحدودة. لكن الطلب الواسع على الدور الروسي يصطدم بأن أوراق موسكو قليلة وطاولات اللعب كثيرة.