IMLebanon

ورقة التوت

الدولة تعيش حالة شبه إفلاس كامل، فلا رئيس جمهورية حتى الساعة، ولا حتى في المستقبل المنظور كما تُجمع القيادات السياسية في كلا الفريقين اللذين يتقاسمان ما تبقى ويتنافسان فيما بينهما على الإمعان في كيفية تصفية التركة المسمّاة الدولة اللبنانية، والذين ما زالوا يتأملون في إمكان الوصول إلى تسوية على غرار تسوية الدوحة، تفضي إلى انتخاب ما سمّي يومذاك بالرئيس التوافقي، يُدركون في قرارة أنفسهم أنهم واهمون أو أنهم يحاولون الشد من عزيمة الشعب اللبناني وصبره، على اعتبار أن الفرج آتٍ، ما دامت الأمور في المنطقة بدأت تتجه نحو الحلول السياسية ولو تحت قرقعة السلاح الروسي في الجو والبحر والبر،

واستمرار الخلاف والاختلاف على مواصفات الرئيس المقبل، الذي يطغى على المناقشات الدائرة بين هذه القيادات سواء على طاولة الحوار التي تُستأنف جلساتها بعد أيام قليلة، أو خارج هذه الطاولة، هو اعتراف ضمني بعجز هذه القيادات عن التوصّل فيما بينها إلى أي اتفاق، بسبب ارتباطاتها الخارجية والتي ما زالت منشغلة عن الهمّ اللبناني بالوضع السوري المتفاقم والذي ازداد تفاقماً وتعقيداً بعد الغزو الروسي وإيغاله في الوحل السوري وعدم اتضاح الرؤية حول أهداف هذا الدخول وما إذا كان القيصر الجديد كما يتسرّب عنه أحياناً هدفه من هذا الغزو الوصول إلى تسوية سياسية توقف حمّام الدم، وتمنح الشعب السوري التعبير عن خياراته في إقامة حكم ديمقراطي سليم لا يكون للرئيس بشار الأسد مكان فيه، أم أن هدف هذا القيصر الذي يحلم كل ليلة بعودة الاتحاد السوفياتي القديم القطب الثاني بعد الولايات المتحدة الأميركية.

والخلاف الحاصل على انتخاب رئيس انسحب على كل المؤسسات الدستورية من الحكومة التي دخلت الموت السريري، بانتظار أن يُعلن رئيسها تمام سلام وفاتها رسمياً، وهو في صدد إعلان ذلك بين ساعة وساعة كما صرّح مؤخراً، إلا إذا، وهذه الإذا لم تعد موجودة بعد إصرار حزب الله وفريقه على الإمعان في شلّها ومنعها حتى من تسيير الدولة ولو في الحدود الدنيا، ومن مجلس نيابي معطّل أيضاً رغم استجداءات رئيسه نبيه برّي للنواب لحضور ولو جلسة واحدة لإنقاذ الدولة من تهديدات البنك الدولي بوضعها على لائحة الدول الفاشلة لأنها عاجزة عن قبول الهبات الدولية والتي يقدمها هو، وهذا الوضع الذي آلت إليه الأمور يستحضر السؤال الذي طرحه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط قبل بضعة شهور إلى أين؟ لأن الجواب عليه أصبح واضحاً تماماً وهو أن الدولة إلى الانهيار بعدما انهارت كل مؤسساتها الدستورية من رئاسة جمهورية إلى حكومة إلى مجلس النواب وصولاً الي إقرار الحكومة بأن الدولة وصلت إلى حافة الإفلاس وأصبحت عاجزة حتى عن تأمين رواتب موظفيها بعد شهر تشرين الثاني المقبل.

كان بعض اللبنانيين مقتنعاً بما تتذرّع به تلك القيادات الذين يتربعون على الكراسي، بأن استمرار الأزمات التي يتخبّط بها الوطن خارجية وليست داخلية، إلى أن فضحت أزمة النفايات كل هذه الإدعاءات الكاذبة وعرّت الجميع حتى من ورقة التوت.