IMLebanon

القتال… خدمة لأردوغان

الاكراد في تركيا حققوا انجازا عندما وصل حزبهم الى مجلس النواب بأكثر من عشرة في المئة من الاصوات المطلوبة. صاروا قوة لايستهان بها مع 80 نائباً من أصل 550. يمكن خصومهم القوميين الاتراك ان يختلفوا معهم ولكن لم يعد في الامكان تجاهل حقيقة انهم صاروا أمراً واقعاً في الحياة السياسية للبلاد.

ما يجري في المقلب الاخر من الحدود في سوريا والعراق يقوي عزيمتهم. اكراد العراق بلغوا عتبة اعلان الدولة المستقلة بعدما صار لديهم اقليم خاص بهم وحكومة وجيش وموازنة. وأكراد سوريا صار لديهم ما يشبه كيان حكم ذاتي يسمى كردستان الغربية.

لولا الهدوء النسبي بعد فتح باب الحوار التركي نصف فتحة، لما حقق حزب الشعوب الديموقراطي ما حققه. اعلان “حزب العمال الكردستاني” العودة الى الكفاح المسلح رداً على استفزازات حكومة اردوغان نذير شؤم في تركيا. التوتر العرقي يعيد الامور الى الاسوأ، الى الحرب الاهلية .

نموذج استرداد حقوق الاكراد بالقوة أو باغتنام الفرص أو باللعب على التحالفات كما جرى في الجارتين الجنوبيتين، ليس بالضرورة مثالاً يحتذى في تركيا. واقع الاكراد في كردستان الشمالية غير واقعهم في كردستان العراق وكردستان الغربية. غالبية أكراد العراق يقطنون في اقليمهم الموحد جغرافياً حول عاصمتين السليمانية واربيل. وفي سوريا يتوزعون على ثلاثة قطاعات محاذية ولكن غير متصلة بعد في الجزيرة وكوباني وعفرين. اما في تركيا، فنصفهم في موطنهم الأصلي والنصف الآخر منتشر في الارجاء التركية وصولا الى اسطنبول المدينة التي تضم أكبر عدد من الاكراد في العالم. سدس زيجاتهم مختلطة. وأي مطلب انفصالي سيكون بمثابة نكسة للاكراد المقيمين خارج مسقطهم، وأي حل بالقوة قد يهدد مكتسباتهم من الحقوق المسترجعة.

التجربة الانفصالية لعبد الله أوج آلان التي كان لها فضل التأسيس لاستعادة الحق المسلوب، ارتبطت بزمان وظروف. تجربة صلاح الدين دميرطاش يفترض ألا تأخذ المسار نفسه لأن الزمن تغير والواقع تغير أيضاً.

الحياة السياسية في تركيا الآن معلقة فعلاً في انتظار بت قضية مجلس النواب المعلق عملياً. اردوغان يريد اجراء انتخابات مبكرة تعيده سيد اللعبة ان لم يكن الزعيم الاوحد. لا يعود الى مكانته السابقة إلا بسلب الاكراد ما حققوه من انجاز انتخابي لوضعه في جعبة حزبه. العودة الى القتال والتوتر العرقي يصب في مصلحته ولايصب بالضرورة في مصلحة حزب الشعوب الديموقراطي الذي سيهجره الليبراليون اذا لم ينبذ العنف الذي بدأ يصير واقعاً لامفر منه.

السلم الاهلي وحده يجهض مخطط اردوغان ولعله أيضاً الطريق الافضل لنيل الاكراد بقية حقوقهم.