IMLebanon

ملف «الاتصالات»: جولة أولى مع «العهد الجديد»

القضاء لإثبات جديته.. بعد أشهر من المراوحة

ملف «الاتصالات»: جولة أولى مع «العهد الجديد»

تعقد لجنة الاتصالات النيابية اجتماعاً جديداً اليوم لاستكمال ملف الانترنت غير الشرعي ومتفرعاته. يرفض رئيسها النائب حسن فضل الله الاستسلام للتباطؤ القضائي. يعرف أن إنهاء اللجنة مناقشاتها سيؤدي الى طي الملف فورا. مر وقت طويل نسبياً على الجلسة الأخيرة، لأن اللجنة رفضت الانعقاد في غياب المدعي العام التمييزي سمير حمود.

اليوم سيحضر القضاة سمير حمود وصقر صقر وعلي ابراهيم. وإذا كان القضاء جدياً، يفترض أن يكون لديه ما يقدمه للجنة، بعد مرور أشهر طويلة على بدء التحقيقات، علماً أن الجلسة تنعقد في ظل إحاطة كاملة من الرئيس نبيه بري، الذي أكد أن «مكافحة الفساد تستلزم تعزيز سلوك المسارات الدستورية والقانونية، مشدداً على «تنشيط عمل القضاء والهيئات الرقابية في هذا المجال».

وأشار في «لقاء الأربعاء النيابي» الى «أن هناك نماذج عديدة يمكن أن تشكل امتحاناً لمثل هذه المسارات ومنها قضية الإنترنت غير الشرعي»، داعياً إلى «استكمال عمل لجنة الإعلام والاتصالات ومسار القضاء في هذه القضية».

منذ أن اكتشفت محطات الشبكة غير الشرعية والقضاء يعيش معضلتين الأولى شكلية والثانية جوهرية. في الأولى، وبعد ثمانية أشهر، لا تزال القضية في مرحلة الدفوع الشكلية التي لا تزال تؤخر استجواب المدعى عليه، (نحو 15 مدعى عليهم ليس بينهم أي موقوف).

وتتعلق الثانية بإزالة الدليل على استيراد السعات الدولية بمجرد تفكيك المعدات في حينها. ذلك أمر يجب التوقف عنده مطولاً. هل تفكيك المعدات كان مقصوداً لمسح الأدلة أم أنه كان نتيجة سوء تقدير؟

في كلا الحالتين، هل يعقل أن القضاء لا يمكنه أن يصل إلى إثبات الاختراق، الذي سبق وأكدته وزارة الاتصالات تقنياً، وخرج الوزير المعني بطرس حرب ليعلن رسمياً عما تم اكتشافه. حرب لم يكتف حينها بالإشارة إلى الثمن الاقتصادي لتهريب الاتصالات من قبرص، بل جزم أن إسرائيل متورطة أيضاً. هل الشبهة الإسرائيلية صعبة الإثبات أيضاً، خصوصا أن جزءاً من المعدات المستعملة، سبق أن استعملت في شبكة الباروك التي كانت موصولة مباشرة بإسرائيل؟

القطاع وخلفه مئات الملايين من الدولارات تدور في حلقة مفرغة. ليست المشكلة في ملف الانترنت غير الشرعي فحسب. متفرعاته لا تقل خطورة عنه، من «غوغل كاش» إلى الاتصالات الدولية غير الشرعية فالسعات الدولية (E1). بعض النواب يطالب أيضاً بضم ملف «الفايبر أوبتيك» إلى التحقيقات. يعتبرونه فضيحة الفضائح ويحمّلون المسؤولية مباشرة إلى الإدارة المعنية. في الأساس، يشكك هؤلاء بتورط الإدارة بكل هذه الملفات، إذا لم يكن بالمشاركة في الجرم أو بغضّ النظر عنه، فعلى الأقل بالإهمال.

ملف الاتصالات الدولية انتقل إلى المحكمة، بعد ادعاء المدعي العام المالي علي ابراهيم على ميشال غبريال المر وشركة «ستوديو فيزيون» بتهمة هدر المال العام (60 مليون دولار)، وتحويله الملف مباشرة إلى القاضي الجزائي المنفرد. لكن لم يعرف أن المحاكمة بدأت.

في ملف «غوغل كاش»، لم يحصل أي تطور، فالجلسة التي كان يفترض أن يستجوب فيها رئيس هيئة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف لم تنعقد بداعي سفر الأخير، فيما لا تزال قضية السعات الدولية عالقة بين المدعي العام المالي ووزير الاتصالات. الأول، ينتظر إذن الوزير لملاحقة يوسف والثاني، ينتظر من ابراهيم ملف التحقيقات الذي طلبه، بعد عدم اكتفائه بالملخّص المرسل إليه.

يقول القاضي ابراهيم لـ «السفير» إنه سيراسل الوزارة مرة ثانية للتأكيد على طلبه، والوزارة تقول إن التأخير يأتي من عند القضاء الذي لم يتجاوب مع طلب الوزير، بخلاف ما فعل سابقاً في قضية «غوغل كاش».

وفي سياق متصل، بدأت تعلو بعض الأصوات المنتقدة أداء وزير الاتصالات. أولى هذه الشكاوى تتعلق بطلبه من شركتي الخلوي، بكتاب رسمي، الاستعداد لطرح سلسلة جديدة من الخطوط، يقدر عددها بمئة ألف خط لكل شركة. وهو ما أثار حفيظة وكلاء الشركتين واستغراب المراقبين، انطلاقاً من أن الطلب ليس مبرراً سوقياً. فالسوق مشبع بالخطوط، عدا عن وجود نحو 50 ألف خط غير مستعمل لدى الشركتين، اللتين تكتفيان في الغالب، برفد السوق بالخطوط التي تتوقف عن العمل دورياً.

وفيما علمت «السفير» أن الشركتين لا تزالان تتحضران لربط هذه الخطوط بالشبكة، فإن المخاوف ازدادت بشأن الأضرار التي يمكن أن تتعرض لها، وأبرزها إمكان انقطاع الاتصالات من جهة، وإغراق السوق من جهة ثانية.

وعلمت «السفير» أنه بنتيجة الاعتراضات، جمدت الوزارة مطلبها من دون أن تسحبه رسمياً، بما يعني إبقاء الأمر على الطاولة.

العهد الجديد وعد بضرب رؤوس الفساد. فهل سيترجم ذلك في ملف الاتصالات المشبع بالفساد، بشهادة كل العاملين فيه وكل المتابعين للملف في الجمهورية؟