IMLebanon

الحكومة تبحث ملف المعتقلين في سوريا: لا تقدّم ولا تنسيق مع دمشق

 

يناقش مجلس الوزراء اليوم في البند الأول من جدول أعماله قضية اللبنانيين المعتقلين في سوريا، ولا سيما مع بدء تململ أهالي المفقودين ومناشدتهم الجهات الرسمية والحكومية ضبط الملف والحؤول دون نشر مزيد من المعلومات المغلوطة التي تضرّ بذويهم. وسيناقش الوزراء التقرير المفصّل حول آخر ما توصّلت إليه اللجنة المولجة بمتابعة هذا الأمر منذ بدء تشكيلها في 20 حزيران 2005 حين رأسها القاضي جوزيف معماري، مروراً بتعليق عملها عام 2011 وصولاً إلى تفعيل اللجنة في 22 تشرين الأول 2018 برئاسة القاضي زياد أبو حيدر الذي لا يزال يرأسها. كذلك سيتم عرض تقرير صادر عن الهيئة الوطنية للمفقودين والمخفيّين قسراً يتركز بمعظمه حول الخطوات التي ستقوم بها هذه الهيئة لتعزيز عملها بناءً على المستجدات السورية. وفي ما يلي ملخّص عن التقريرين اللذين اطّلعت عليهما «الأخبار»، واللذين لا توحي المعلومات الواردة ضمنهما بأن ثمة حلّاً سريعاً لهذه القضية، ولا سيما أن العمل يسير ببطء ولا يستند إلى أرضية صلبة في ما عدا التضارب الضمني بين الهيئة واللجنة وتطابق عملهما في الكثير من النقاط، علماً أن التقريرين لا يأتيان على ذكر أي تنسيق حالي مع أي طرف في سوريا، وهو ما يصعّب التقدّم أو الحصول على معلومات إضافية حول المعتقلين والمفقودين تساهم بطمأنة العائلات المنتظرة على جمر والتي تتلاعب بها وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عبر رمي الشائعات والأخبار المغلوطة.

في ما يتعلق بالتقرير المفصّل المقدّم من لجنة معالجة قضية اللبنانيين المعتقلين في سوريا، تسرد اللجنة العمل الذي قامت به منذ تشكيلها عام 2005 حين تسلّمت 3 لوائح بأسماء المفقودين: الأولى صادرة عن الدولة اللبنانية والثانية عن لجنة أهالي المفقودين التي ترأسها وداد حلواني والثالثة عن الناشط السابق في مجال البحث عن المفقودين غازي عاد. وقد جرت لاحقاً غربلتها وتنقيحها لإعداد لائحة واحدة تتضمّن نحو 725 اسماً.

 

وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تتلاعب بالعائلات عبر رمي الشائعات والأخبار المغلوطة

 

 

 

في موازاة العمل اللبناني، شكّلت الدولة السورية لجنة من جهتها وأصبحت اللجنتان تُعرفان باسم «اللجنة اللبنانية – السورية المشتركة»، وتعقدان اجتماعات بإشراف مندوب المجلس الأعلى اللبناني – السوري. ويشير التقرير إلى أن «الجانب السوري كان متعاوناً وإيجابياً، وقام بدرس لائحة الأسماء والبحث في كل اسم وارد فيها، وكان الاتفاق على إجابة السوري عن كل حزمة من أسماء المفقودين بعد مراجعة المسؤولين في سوريا حول كل اسم وتقديم الأجوبة للّجنة بصورة خطية، ليصار بعدها إلى إعداد محضر رسمي وتقرير مفصّل عن مضمون الاجتماع يُرفع إلى رئيس الحكومة اللبنانية ووزير العدل». وتمّ إطلاع رئيسي الجمهورية والحكومة آنذاك، ميشال سليمان ونجيب ميقاتي، على لائحة الأسماء بالإضافة إلى تنسيق دائم مع الصليب الأحمر الدولي واللبناني ومؤسسات أخرى، وبالتعاون مع الجيش اللبناني الذي لديه أيضاً بعض المفقودين. وتمّ فعلاً اكتشاف جثث عسكريين كانت أسماؤهم ضمن اللائحة المقدّمة من الجانب السوري في حفرة في ملعب وزارة الدفاع في اليرزة، وهم من الشهداء الذين سقطوا في 13 تشرين عام 1991 ودُفنوا على عجل أثناء المعارك العسكرية. كذلك أُخذت عينات الحمض النووي من بعض أهالي المفقودين بواسطة لجنة من الجيش لمعرفة صلة الأهالي وعائلاتهم بالمفقودين.

في المرحلة الأولى لعمل اللجنة، بين عامي 2005 و2011، تضمّنت اللائحة المقدّمة لسوريا أسماء المفقودين وهوياتهم ومعلومات عنهم والأمكنة التي تمّ توقيفهم فيها في لبنان في حال معرفتها، ومن بينهم عناصر في الجيش وقوى الأمن من عام 1975 وصولاً إلى التسعينيات، بالإضافة إلى عناصر حزبيين من كل الفئات ورجال دين. في المقابل، قدّمت اللجنة السورية لائحة بأسماء مفقودين سوريين في لبنان. واستحصلت اللجنة اللبنانية يومها على أجوبة عن معظم اللائحة المتضمّنة أسماء المفقودين. لكنّ بداية الحرب في سوريا أوقفت التنسيق رغم تقدّم العمل المشترك الذي أدّى إلى إعطاء السوريين لائحة بأسماء لبنانيين غير منضوين تحت خانة المفقودين، وهم في معظمهم موقوفون ينفّذون أحكاماً جنائية في السجون السورية. كما ساهم ذلك في تسليم لبنان لسوريا لائحة أسماء السوريين المفقودين أو المتوفّين في لبنان. وفي المرحلة الثانية التي بدأت نهاية عام 2018 مع تكليف القاضي أبو حيدر برئاسة اللجنة، حصلت عدة اجتماعات عُرضت فيها لائحة سلّمتها سوريا بأسماء لبنانيين من مرتكبي الجرائم في سوريا منها القتل والإرهاب والتعامل مع العدو، ومن بينهم شخصان أو ثلاثة أُعدموا من دون تسليم جثثهم لأهاليهم، بالإضافة إلى التطرق إلى مشروع النائب فؤاد السعد ولجنته بشأن المفقودين والمعتقلين وعدم تجاوب الأهالي مع موضوع فحص الحمض النووي. كما قدّم مندوبا قوى الأمن الداخلي والجيش لائحة بمفقودي المؤسّستين. وفي أوائل عام 2019 جرى تمديد مهلة عمل اللجنة ثم مجدداً في عام 2022، ومرة ثالثة مطلع عام 2024 لتعقد اللجنة أول اجتماع لها بكامل أعضائها بتاريخ 5 كانون الأول الجاري، وبحثت اللجنة في واقعة حضور أحد المراجعين إلى النيابة العامة الاستئنافية في بيروت تبيّن أنه كان من المعتقلين في السجون السورية وتم الاستماع إليه. وعقدت اللجنة اجتماعاً ثانياً في 9 الجاري بعد سقوط النظام السوري للتداول في كل ما ورد في وسائل الإعلام ومواقع التواصل حول المعتقلين اللبنانيين المحرّرين من السجون السورية، وتقرر تسطير كتب إلى كل من قائد الجيش والمدير العام للأمن العام والمدير العام للأمن الداخلي والمدير العام لأمن الدولة لتزويد اللجنة بكل المعلومات المتوافرة لديهم عن المحررين ممن دخلوا إلى لبنان. كما وجّهت اللجنة كتاباً بواسطة وزير الإعلام إلى وسائل الإعلام التي تداولت في الموضوع لتبيان مصدر معلوماتها، إضافة إلى تكليف العميد علي طه التحرّي عن كل معتقل محرّر وصل إلى لبنان والتواصل معه تمهيداً للاستماع إلى إفادته. نتيجة ذلك، استمع عضو اللجنة القاضي جورج رزق قبل 6 أيام إلى كل من المعتقل المحرّر سهيل جوزيف الحموي وشقيق المعتقل كامل عبد الكريم الفتى الرائد بسام الفتى وإلى شقيق المعتقل حازم حوران العلي المدعو عصام حوران العلي. ولم يتمكن من الاستماع إلى المعتقل المحرّر محمد وهيب المرعبي لعدم حضوره بسبب دخوله المستشفى وفقاً لما أبلغه للجنة. وبالتاريخ نفسه عقدت اللجنة اجتماعها الثالث واطّلعت من القاضي رزق على إفادات المُستمع إليهم كما كلّفته بالاستماع إلى كل معتقل محرّر تتم دعوته للحضور إلى مركزها. وزوّد طه اللجنة بأسماء عدد من المعتقلين المحرّرين من السجون السورية فقرّرت اللجنة دعوتهم للاستماع إليهم. كما قرّرت دعوة رئيس جمعية المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية علي أبو دهن للاستماع إليه.

أما تقرير الهيئة التي يرأسها بالإنابة الدكتور زياد عاشور والتي يفترض أن تكون اللجنة جزءاً منها فلا يحتوي على معلومات فعلية بل مجرد طلبات ملحّة لوجستياً ومادياً للبدء بالعمل. وطلبت الهيئة من الأمين العام لمجلس الوزراء تسليمها كلّ البيانات المتعلقة بالملف ولا سيما تلك المرتبطة بعمل لجنة المفقودين وحثّ كل الوزارات والإدارات والأجهزة الرسمية على التعاون معها.