Site icon IMLebanon

ملف بواخر الكهرباء: قرار مجلس الوزراء مزوّر!

صدر أمس قرار مجلس الوزراء المتعلق باستدراج عروض استقدام معامل توليد الكهرباء العائمة، لكن بعض الوزراء أكّدوا لـ«الأخبار» أن صيغة القرار ليست هي الصيغة التي اتفق عليها في مجلس الوزراء، بل هي صيغة مختلفة تحصر مهمة إدارة المناقصات في فضّ العروض المالية وإعداد تقرير في شأنها. فهل القرار مزوّر؟

تبلّغت أمس إدارة المناقصات قرار مجلس الوزراء، الصادر في 21 حزيران الماضي، والمتضمن إحالة ملف استدراج عروض بواخر الكهرباء إليها.

مرور أسبوع قبل تبليغ القرار قد لا يثير أي شبهات في ضوء عطلة عيد الفطر التي اقتطعت يومي عمل (الاثنين والثلاثاء)، إلا أن مضمون القرار أثار شبهات بوجود تزوير متعمّد، فهو صدر بصيغة مختلفة عمّا اتفق عليه في مجلس الوزراء بناءً على اقتراح الوزير محمد فنيش وأعلنه وزير الإعلام ملحم رياشي في المقررات الرسمية بعد الجلسة.

تحصر صيغة القرار الصادر مهمة إدارة المناقصات بفضّ العروض المالية وإعداد تقرير في هذا الشأن، في حين أن الصيغة التي أعلنها رياشي توسّع مهمة إدارة المناقصات في اتجاه إعداد تقرير عن كامل ملف استدراج العروض، في كل المراحل.

قصّة هذا القرار بدأت في جلسة مجلس الوزراء التي عقدت في 21 حزيران، والتي كان على جدول أعمالها كتاب مرفوع من وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل، يقدّم فيه اقتراحين بشأن استدراج عروض بواخر الكهرباء مع تفضيله لأحدهما. أبي خليل طلب فضّ العروض عبر «لجنة وزارية أو في إدارة المناقصات، مع تفضيل خيار تشكيل لجنة وزارية تماشياً مع المسار الإداري الذي سلكه الملف والقوانين والأنظمة المرعية الإجراء».

جاء هذا الكتاب بمثابة فرصة لعدد من الوزراء المعترضين على طريقة إدارة ملف استدراج عروض استئجار بواخر الكهرباء، ولا سيما في ظل الاتهامات الموجّهة من وزيري المال والزراعة بأن قرار مجلس الوزراء رقم 1 الصادر في 28 آذار والذي يوافق على الخطّة الإنقاذية للكهرباء في صيف 2017 هو «مزوّر» ويختلف عما اتفق عليه في المجلس. غير أن هذه الاتهامات ليست هي الوحيدة التي تطاول هذا الملف، بل كانت هناك مطالب من وزراء القوات اللبنانية وغيرهم بإحالة ملف استدراج العروض على إدارة المناقصات، لا وزارة الطاقة. يومها ردّ وزير الطاقة بأن هذا التلزيم تنفذه مؤسسة كهرباء لبنان التي يتيح نظامها تنفيذ المناقصات مباشرة. طبعاً السجال استمرّ، فردّ عليه وزراء القوات وأمل وغيرهم، بأن القرار رقم 1 أناط تنفيذ المناقصة بوزارة الطاقة التي نشرت إعلاناً في الصحف ثم استقبلت الطلبات وكلف مستشارو وزير الطاقة فضّ العروض! السجال لم يتوقف إلى أن رفع وزير الطاقة كتابه رقم 2275 إلى مجلس الوزراء يطلب منه تشكيل لجنة وزارية لفضّ العروض. في تلك الجلسة، انقسمت آراء الوزراء بشأن هذا الاقتراح. وزراء حزب الله والقوات اللبنانية والاشتراكي والمردة والقومي السوري وقفوا بوجه اقتراح أبي خليل رافضين تكليف لجنة وزارية لفضّ العروض المالية بعدما فضت العروض الإدارية والتقنية في وزارة الطاقة، وذلك على اعتبار أن مجلس الوزراء لم يطلع على أي تفصيل من تفاصيل عملية التلزيم، ولا سيما دفتر الشروط وفضّ العروض الإدارية والتقنية وسواها. وفي المقابل، ناقش وزراء تيار المستقبل والتيار الوطني الحرّ اقتراح أبي خليل، بالاستناد إلى التجربة السابقة التي ذكرها أبي خليل في كتابه المرفوع إلى مجلس الوزراء والذي يشير إلى أن «المسار الإداري الذي سلكه استدراج العروض المماثل سنة 2012 و2013 انتهى بتأليف لجنة وزارية لدراسة العروض والتقارير والتفاوض مع الشركات».

حصر مهمة إدارة المناقصات بإعداد تقرير عن «العروض المالية»

محور النقاش في جلسة مجلس الوزراء المذكورة كان حول دفتر الشروط، الجهة التي تنفذ التلزيم، مهل التنفيذ كما قدّمها العارضون، طرق التمويل… الاختلاف بين الطرفين كان كبيراً، ما استدعى تدخّلاً «إيجابياً» من الوزير محمد فنيش، مقترحاً صيغة نالت قبولاً لدى الجميع. جوهر هذه الصيغة مبني على النقاشات الحادة التي حصلت في الجلسة والتي، كما تقول مصادر وزارية: «بهدف عدم إعادة المناقصة من أولها، واختصاراً للوقت، واحتراماً لما قامت به وزارة الطاقة في عملية التلزيم، وحتى لا يُترك أي مجال للطعن بنتيجة التلزيم المنفذ لدى وزارة الطاقة، فإن الوزير محمد فنيش اقترح أن تفتح إدارة المناقصات العروض المالية، وأن تُكلّف إعداد تقرير مفصّل عن ملف استدراج العروض بكامله». وهذه الصيغة كانت واضحة في مقررات مجلس الوزراء التي أذاعها وزير الإعلام ملحم رياشي والتي نشرت على الموقعين الإلكترونيين للقصر الجمهوري وفي الوكالة الوطنية للإعلام على النحو الآتي: «ناقش مجلس الوزراء جدول أعماله واتخذ في شأنه القرارات المناسبة، وأبرزها إحالة كامل الملف المتعلق باستقدام معامل توليد الكهرباء إلى إدارة المناقصات لفض العروض المالية وإعداد تقرير كامل عن استدراج العروض وإحالته إلى الوزير لإعداد تقرير مفصل ورفعه لمجلس الوزراء لبته بأسرع وقت ممكن».

إذاً، المطلوب من إدارة المناقصات فضّ العروض المالية، وإعداد تقرير كامل عن استدراج العروض وإحالته إلى الوزير (…) غير أن نصّ قرار مجلس الوزراء الذي يحمل رقم 64 (محضر 32) عن الجلسة التي عقدت في القصر الجمهوري يوم الأربعاء بتاريخ 21/6/2017 جاء على النحو الآتي: «قرّر مجلس الوزراء الموافقة على إحالة كامل الملف إلى إدارة المناقصات لفضل العروض المالية وإعداد تقرير كامل عن استدراج العروض المالية المتعلقة باستقدام معامل توليد الكهرباء العائمة وإحالته إلى الوزير المختص تمهيداً لإعداد تقرير مفصل ورفعه إلى مجلس الوزراء للبت به بأسرع وقت».

الفرق واضح بين الصيغتين: الصيغة الأولى التي أذاعها رياشي توسّع عمل إدارة المناقصات، فالمطلوب منها ليس فضّ العروض المالية فقط، بل أيضاً إعداد تقرير كامل عن استدراج العروض»، أما القرار فهو يحصر مهمة إدارة المناقصات بإعداد تقرير عن «العروض المالية»، أي أنه لا يعطيها أي صلاحية في إعداد تقرير يتناول دفتر الشروط أو يتيح لها مطابقة النصوص والقوانين المرعية على آليات فضّ العروض التي جرت في وزارة الطاقة ثم نقلت إلى مؤسسة كهرباء لبنان لاحقاً.

ضغوط لإعادة صياغة القرار

خلال الأيام الماضية، اشتكى بعض الوزراء من عدم تلقيهم نسخاً من مقررات مجلس الوزراء الموزّعة من يوم الخميس الماضي، حتى إن بعضهم كان يعتقد أن القرار المتعلق باستقدام بواخر الكهرباء العائمة أحيل إلى لجنة وزارية من أجل الاتفاق على الصياغة النهائية للقرار (!) ولا سيما في ضوء معطيات عن ضغوط مورست لإعادة صياغة نصّ القرار بحسب تفسير كلّ منهم للصيغة التي اتفق عليها في مجلس الوزراء.