IMLebanon

الملفات والإستحقاقات تتقدَّم على ترف الحقائب في الحكومة العتيدة

 

عدَّاد التأليف بدأ يسجِّل الأيام التي تمرُّ من أجل معرفة ما إذا كانت الحكومة العتيدة ستحتاج إلى وقت لتبصر النور وتنضم إلى الحكومات التي استغرقت شهورًا عديدة لتولد.

بهذا المعنى يمكن القول إنَّ قطار التأليف وضع على السكة وانطلق لكن محطاته كثيرة وركابه أكثر، وليسوا جميعهم على محطة واحدة لكنهم جميعًا يريدون حجز مقاعد.

السؤال هنا:

كيف سيتمُّ التوفيق بين محدودية عدد المقاعد وكثافة عدد المستوزرين الذين إذا ما زادوا فإنَّ حمولتهم يمكن أن تتسبب في بطء تحرك عجلات الدولة؟

***

إلى اليوم، أين أصبحت عملية التأليف؟

كل المعطيات تتقاطع عند شبه تأكيد أنَّ الرئيس المكلف سعد الحريري وضع تصورًا أوليًا لما يمكن أن تكون عليه الحكومة، وهذا التصور تم التوصل إليه بعد عملية غربلة أولى أجراها مع رئيس الجمهورية الذي التقاه في اليوم التالي لانتهاء استشارات التأليف، وقبيل مغادرته إلى السعودية.

والتصور الذي وضعه الرئيس الحريري قائمٌ على اقتراح حكومة موسعة من ثلاثين وزيرًا كحدٍّ أقصى، وحين يتمُّ التوافق بين المكونات الأساسية على هذا الموضوع فإنَّ العقبة الأولى تكون قد ذُلِّلت، ثم يصار إلى الإنتقال إلى المرحلة الثانية التي هي ترجمة الأحجام وتوزيع الحقائب.

 

***

الأحجام معركة حقيقية، ولأنَّ الجميع يُدرك أنَّ هذه الحكومة ستواكب العهد حتى أيار 2022، فإنَّه سيسعى إلى أن يكون في قلب السلطة التنفيذية بأقصى ما يملك من قوة، ولا أحد من القوى السياسية طرح حتى الآن أنَّه يريد أن يبقى خارج السلطة ويجلس في صفوف المعارضة لأنه عمليًا ليست هناك أية معارضة، ولأنَّ الجميع يريد أن يكون في الداخل، فكيف ستتوزع السلطة والحقائب في الداخل؟

***

الملفات التي تفرض نفسها تجعل الوزارات المسؤولة عنها هي الأولوية، بهذا المعنى تبدو وزارة المال أساسية بامتياز، لأنَّها ستكون مسؤولة عن ضبط الإنفاق العام في ظلِّ عجز في الموازنة لامس ال 90 مليار دولار. وهذا المبلغ يمكن أن يرتفع بعد أن تبدأ أموال مؤتمر سيدر تصل تباعًا.

وهناك وزارة شؤون النازحين، وهذه الوزارة لم تعد هامشية على الإطلاق مع وجود مليون و800 ألف نازح سوري على أرض لبنان، وهذا العدد مرشح للتصاعد انطلاقًا من عدة عوامل أبرزها:

استمرار التدفق غير الشرعي للسوريين إلى لبنان. المساعدات التي يتلقاها النازح من المنظمات الدولية والتي تشمل التعليم والطبابة، بحيث أنَّ السوري بات ضامناً وضعه أكثر من اللبناني، علماً أنَّ كثيرين منهم لا تنطبق عليهم صفة نازح لأنهم يتنقلون بين سوريا ولبنان.

وهناك وزارة التربية المرتبطة مباشرة بالمنظمات الدولية لأنها معنية بتعليم الطلاب السوريين.

ووزارة التربية مرتبطة أيضًا بالمعاناة لدى الأهالي في ظل ارتفاع الأقساط المدرسية من دون قدرة الأهالي على السداد.

وهناك وزارة التخطيط التي يبدو أنَّ إنشاءها سيكون مطلباً أساسيًا وحيوياً، لأنَّ من شأنها أن تخفف من الفوضى المستشرية في الإدارات وفي المؤسسات.

وهناك وزارة الطاقة التي هي أم الوزارات في ظل المعاناة المستشرية على أبواب الصيف لجهة ارتفاع فاتورة الكهرباء بأضلعها الثلاثة الدولة والمولد الخاص والاشتراك.

وهناك وزارة البيئة وما يعني ذلك من وضع اليد على ملف النفايات الذي يبدو انه طُوي ولم يُقفَل.

***

هذه عينة تظهر أنَّ موضوع الحكومة مرتبطٌ بالملفات والإستحقاقات، أكثر مما هو مرتبط بمطالب هي أقرب إلى الاستئثار منها إلى الخدمة العامة.

فهل يعي المسؤولون خطورة الوضع ودقته؟