في المنطقة ملفات حيوية عديدة تؤثر على حاضر شعوبها ومستقبلها، كما تؤثر على مصائر دولها، فاما أن تتجه نحو اصلاح أمرها وتنجو، واما أن تغرق بمزيد من الفساد والحمق السياسي فتتمزق وتنهار. وهذا الواقع المرير يشغل عواصم الدول الكبرى لأنه يتعلق بمصير مصالحها الحيوية ولا سيما في البلدان الاقليمية، الكبيرة والصغيرة على السواء وبثرواتها الناضبة وغير الناضبة! ولبنان قد يكون الدولة الوحيدة التي تمثل الاستثناء وشواذ القاعدة! وهي حالة قد لا تكون فريدة في التاريخ المعاصر. وعندما كان لبنان يغلي بالدم والعنف يوم كان مسرحاً لحروب الآخرين على أرضه، كانت غالبية دول المنطقة المعنية، تنعم بالهدوء والطمأنينة والانتعاش، وتدير لعبة الموت من عواصمها وهي آمنة! أما اليوم، ودول المنطقة في غالبيتها تغرق بلعبة الدم والعنف، فإن لبنان يبدو، في الظاهر على الأقل، بأنه ينعم بهدوء نسبي الى أجل غير واضح…
ملفات المنطقة عديدة، ولكن ليس في لبنان أكثر من ملفين اثنين يتناوبان في تصدر اهتمام الدولة والطبقة السياسية فيه. ولا نتحدث هنا عن اهتمامات الناس والشعب، على اعتبار أن الدولة والسياسيين في وادٍ، وسائر مكونات الوطن من الشرائح البشرية، هي في وادٍ آخر! وهذان الملفان هما على أعلى درجة من الأهمية والحيوية. والملف الأول يتعلق برئاسة الجمهورية وشغور المنصب لفترة زمنية تقارب ثلث مدة الولاية الرئاسية! والملف الثاني يتعلق ب وباء النفايات الذي وصفه أحد المعنيين به، بعبارة موحية بقوله إن أزمة النفايات بلغت مرحلة تضعنا أمام أحد مصيرين: أما أن تأكلنا النفايات، واما أن نأكل نحن النفايات! ومع ذلك فبين الملفين قاسم مشترك… واذا كان ملف النفايات يمثل الفساد المالي، فإن الملف الرئاسي يمثل الفساد السياسي!
أزمة هذين الملفين غير مطروحة في غالبية دول العالم… واذ عجز ذكاء اللبنانيين عن ابتكار الحلول في الملفين، فلماذا لا نقتبس الحلول من الغير؟!