بات اللبنانيون في شبه ضياع في تَعداد المحطات والمواعيد، بسبب كثرتها، ولكنها وللأسف تبقى حركة من دون بركة، وحتى إشعار آخر.
في التعداد والترقيم:
في الحادي والعشرين من حزيران المقبل، تنعقد طاولة الحوار في جلستها التاسعة عشرة.
الجلسة الأربعون للإنتخابات الرئاسية حدَّدها الرئيس نبيه بري في الثاني من حزيران المقبل.
جلسة الحوار ال28 بين حزب الله وتيار المستقبل، انعقدت في العاشر من هذا الشهر، والجلسة التاسعة والثلاثون إلى الشهر المقبل.
في الأحدَيْن المقبلين تُنجَز الإنتخابات البلدية والإختيارية والفرعية في الجنوب والشمال.
بعد كل هذه المواعيد، إلى أين؟
***
رئيس مجلس النواب نبيه بري، محترف المحطات والمواعيد والطاولات والافكار، أطلق في جلسة الحوار الأخيرة فكرة جديدة تقوم على تلازم الإنتخابات النيابية والرئاسية، فاجأ فيها المشاركين في الحوار فلم يكونوا مستعدين لها، ولهذا أمهلهم حتى 21 حزيران المقبل ليعودوا بأجوبة.
المبادرة تقوم على المعادلة التالية:
وضع قانون جديد للإنتخابات، ثم إجراء إنتخابات نيابية، ثم إنتخاب رئيس للجمهورية فتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإذا لم يتم وضع قانون جديد للإنتخابات فلا بأس من إجرائها وفق قانون 2008 أي قانون الستين.
***
ما هي حظوظ مبادرة بري في ترجمتها على أرض الواقع؟
يبدو أنَّ الرئيس بري إنطلق من الزخم الذي حققته الإنتخابات البلدية والإختيارية، لكن هل يمكن اعتبار هذا الزخم كافياً للقول إنَّ بالإمكان إجراء الإنتخابات النيابية؟
ثمّ، إلى أيِّ حد يمكن اعتبار تقصير ولاية المجلس الممدد له للمرة الثانية، أمراً عملياً؟
التمديد الثاني الذي تمَّ عام 2014، يجعل ولاية المجلس تنتهي في حزيران 2017 أي بعد سنة وشهر، فهل يحرز تقصير ما تبقَّى من الولاية؟
عملياً إنَّ المهلة التنفيذية ليست كاملة إذا صحَّ التعبير، يجب أن يُسحَب منها شهران حيث أنَّ الدستور يحدد ستين يوماً قبل إنتهاء الولاية، في هذه الحال يكون متبقياً للمجلس حتى آخر نيسان.
وإذا احتاج النواب إلى ثلاثة أشهر لحملاتهم الإنتخابية، تكون الولاية قد وصلت إلى آخر كانون الثاني كحدٍّ أقصى.
عملياً تكون شهور الإنتاج المتبقية من حزيران المقبل إلى آخر كانون الثاني المقبل، أي ثمانية أشهر، فهل سيُقدِم مجلس النواب على هذه الورشة التي يطالب بها رئيس مجلس النواب؟
***
الأجوبة الفورية لم تتأخر:
فتيار المستقبل على طاولة الحوار، أعطى الأولوية لانتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية. صحيح أنَّ الرئيس بري يتسلَّح بقرارٍ للمجلس الدستوري الذي يقول:
ما إن تزول الظروف الأمنية يقتضي الذهاب إلى إنتخابات نيابية عامة فوراً، لكن تيار المستقبل يعتقد بأنَّ الدستور أقوى من قرارٍ للمجلس الدستوري.
***
في المحصِّلة، ما زال الوضع يدور في حلقة مفرغة وما زال في حالة ملء الوقت الضائع وربما هذا ما قصده الرئيس بري لأنه يعرف أنَّ إنجاز الإستحقاقات في الوقت الراهن دونه مصاعب جمَّة.