IMLebanon

من يملأ الفراغ بسلة تفاهم سياسي؟

لا ينفكّ سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ومعهم ممثلة الأمين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، يتحدثون حول الاستحقاق الرئاسي بشكل عام انطلاقا من الخطوط العريضة التي تحفّز على انتخاب رئيس جمهورية من دون الدخول في التفاصيل، وهذا سلوكهم في لقاءاتهم في لبنان او في الزيارات الى الدول المعنية، على ما يؤكّد اكثر من مسؤول رسمي.

لم يخرج هؤلاء بعد من نظرية رئيس جمهورية من ضمن الأقطاب الموارنة الأربعة ورئيس حكومة من أبرز الأسماء المطروحة وفي مقدمهم الرئيس سعد الحريري، مع تلميحات الى ان عدم الاتفاق وفق هذه المعادلة يعني بدء الحديث عن رئيس جمهورية ورئيس حكومة من خارج هذه الدائرة، مع نصيحة بأن يتولى العمل، وفق فترة بلا سقف مفتوح، ليس السفراء الخمسة وكاغ، انما «الذي سيحبك التفاهم المكتوب بخطوطه العريضة: طرف من حزب الله وآخر من تيار المستقبل تحت عين الرئيس نبيه بري، وطرف من التيار الوطني الحر».

يقرّ المهتمون بالشأن الرئاسي، لا سيما الغربيون منهم، بأن «مشكلة الجنرال ميشال عون لها ديناميكية مختلفة عن كل مشاكل البلد، لأنه بمجرد ان قال بعد المبادرة الرئاسية لماذا سليمان فرنجية وليس انا؟ يعني ان هناك صعوبة في تدوير ترشيح عون ازدادت مع تبني جعجع لهذا الترشيح، مما يوجب الحاجة الى انتظار وإلى عامل الزمن».

تتقاطع الأوساط الديبلوماسية والسياسية المحلية على القول بوجود عقدتين:

– التوتر السعودي ـ الايراني، وهل يسمح للرئيس سعد الحريري بالعودة وبكامل صلاحياته وعلى حصان ابيض الى رئاسة الحكومة؟ تبيّن ان هذا الأمر ليس اكيداً.

– من يحضّر سلة التفاهم السياسي التي ستكون خريطة طريق العهد الجديد؟.

افصح احد ابرز السفراء الى شخصية لبنانية قائلا «نحن سائرون بالمبادرة الرئاسية كونها الأقرب الى الترجمة، مع قناعتنا ان ترشيح جعجع للجنرال عون زاد من طوق الاعتراض عليه كون هذا الترشيح اقترن بخلاف حاد مع حلفائه في 14 اذار، بينما كان يفترض ان يكون معبّرا عن إجماع على خطوة كهذه».

لكن يظهر أن الدول منقسمة لاتجاهات عدة: الأكثرية موافقة على مبادرة ترشيح فرنجية لانهم يرون لبنان من ضمن محاصصة والمبادرة تؤمن هذه المحاصصة بين «8 و14 آذار». ودول أخرى تقول إنه ليس هناك بديل، وليقدم بديل يحظى باجماع مماثل لنتحدث حوله. وقسم ثالث عدده قليل، يقولون ان فرنجية لا يمكن ان ينتخب اذا كان الاقطاب الثلاثة الآخرون معترضين، وبالتالي يجب ان تنكسر في مكان ما. ويسألون هل البطريرك الماروني بشارة الراعي كاف لتغطية انتخاب فرنجية؟ وهناك قسم رابع من الدول يقول بالانتظار قليلا لتتوضّح الامور اكثر في سوريا وعلى مستوى محاربة الإرهاب ومآل العلاقة بين موسكو وواشنطن في هذا الاتجاه.

هناك من يقول أيضا «صحيح ان انتخاب فرنجية مؤمّن عدديا وميثاقيا، ولكن هناك شبه مجازفة في ان ينتخب في عملية صدم للآخرين في المكون الماروني. وهذا المنطق يقابل بطرح اجراء استطلاع عند المسيحيين يقبل بنتائجه، واللافت ان رجال الاعمال مرتاحون للمبادرة الرئاسية لانهم يريدون الخلاص ولان تركيبة لبنان كانت على الدوام كذلك وستبقى كما هي، ولبنان غير جاهز في ظل المتغيرات الشرق اوسطية لطروحات ثورية جديدة، حتى ثبت اننا غير جاهزين لتلقف حراك مدني ينتج شيئا جديدا».

المهم ان المبادرة الرئاسية، ومعها ترشيح جعجع للجنرال عون على تعقيداته وطريقه المزروعة بكل انواع الالغام، اوجدت حركة وثبّتت معادلة تقوم على ان رئيس الجمهورية من «8 آذار» ورئيس الحكومة من «14 اذار».. ويبقى الفراغ الذي يجب ان يُملأ بسلة التفاهم السياسي المناسبة.