IMLebanon

«الاستنتاج الأخير»

من الآن وحتى «تبلور» المرحلة التالية لإكمال الانقضاض على الحيّز الجغرافي لـ«دولة داعش»، سيبقى المشهد السوري ولاّد أسئلة معلّقة في شأن مآلته الأخيرة، وما إذا كانت هذه قريبة أم نائية!

على أن كثرة الأسئلة لا تنسف «الجواب» الدائم (والحتمي لمن يشاء) القائل بأن سلطة الرئيس السابق بشار الأسد صارت من الماضي. وانطمرت تحت أثقال الدمار الذي أحدثته في العمران السوري البشري والمادي. وإن شيئاً أيّاً يكن، روسيّاً أو أميركيّاً أو إيرانيّاً أو غير ذلك، لن يعيدها الى الزمن الذي كانت فيه سيّدة واحدة لا تُقارع ولا تُضرب ولا تُهدَّد ولا تستكين!

يطفو الأسى على أحكام كثيرين في هذه النكبة المستحيلة. وتختلط عندهم الأماني (الضميرية) بالحقائق والوقائع! ويطغى فوق ذلك شغف العقاب ووقف المذبحة على القراءة التحليليّة الباردة.. لكن ذلك في جملته، لا يخدش «الاستنتاج الأخير» بأنّ بقايا سلطة الأسد فقدت كل مبررات وجودها. ولم تعد تنفع حتى كستارة تغطي بـ«شرعيّتها» مشاريع المتدخلين في سوريا. ولا مصالحهم المبنية على ذلك التدخل، أو المنطلقة منه، أو التي تضعه في أطر استراتيجية أكبر منه وأوسع!

والأكيد الواضح، الذي يعرفه الأسد أكثر من غيره، أنّ الاشتباك الإقليمي – الدولي الراهن، يجري «في» سوريا وليس من أجلها! وأن صيرورتها «ساحة» مهمة لا يعني شيئاً آخر غير تأكيد تهتّك أُطُرِها كنظام أو دولة أو وظيفة أو «سيادة». وأن تغيّر طبيعة الأدوار الخارجية فوق هذه الساحة، لن يعني، في أي احتمال، عودة تلك الأطر المحلية الى ما كانت عليه..

والأمر يسري في حالتَي الصدام والتسوية: في الحالة الأولى (الراهنة) تأكيد لضمور الدور السلطوي واضمحلاله، وخصوصاً في الشق الميداني. حيث أنّ أحداً من «حلفاء» الأسد لم يعد يعطي أي أهمية لما يُسمّى الجيش السوري! أو للميليشيات المحلية التي لا يصحّ توصيفها بغير «الشبّيحة». في حين أن الشقّ السياسي – الديبلوماسي يختصره الروس الى حدِّ التحكّم التام، حتى لو بدا الآن، أنّ رفقة الطريق مع الإيرانيين لا تزال تفرض بعض شروطها!

في الحالة الثانية، التسوويّة، يبدو الأمر أكثر سواداً وقتامة: لن يقوم أي حل على فرضيّة «بقاء» السلطة الأسدية! «الدولة» و«النظام» شيء آخر. والفصل بين الأسد وطغمته، ومستقبل الكيان الدستوري والجغرافي السوري، هو أوّل شروط الحل الممكن! غير ذلك، يعني تضييعاً للوقت وتشبّهاً بالعلك الخاص بما يُسمّى «حل» القضية الفلسطينيّة الذي لم يصل بعد، برغم مرور سبعة عقود من الاحتلال! وأكثر من ربع قرن من التفتيش عن ذلك الحل!

المرحلة الراهنة الصعبة والخطيرة والمبهمة، لن تطول.. عنوانها الوحيد هو القضاء على الإرهاب الداعشي (وغير الداعشي) لكن ذلك، على ما يحكم منطق الأمور، سيفتح الباب على مرحلة أخرى.. مليئة بالأسئلة الكبيرة، نعم، لكنّها (مجدّداً) لن تعدّل في الجواب القائل، بأنّ سلطة آل الأسد صارت جثّة سياسية ليس أكثر!