أن يصدر بيان من أكبر تجمع للدول الإسلامية ولأول مرة٬ ويسمي الأشياء بأسمائها٬ وتنتقد منظمة التعاون الإسلامي٬ الجمعة 15 أبريل (نيسان) 2016. إيران بشدة٬ حيث جاء في بيانها الختامي للقمة: «أدان المؤتمر تدخلات إيران في الشؤون الداخلية لدول المنطقة٬ ودول أخرى أعضاء منها البحرين واليمن وسورياة والصومال٬ واستمرار دعمها للإرهاب»٬ الأمر الذي دعا الرئيس الإيراني والوفد المشارك معه إلى الانسحاب من الجلسة الختامية.
هذا في حد ذاته يمثل صفعة للنظام الإيراني. ودانت القمة «حزب الله لقيامه بأعمال إرهابية في سوريا والبحرين والكويت واليمن٬ ولدعمه حركات وجماعات إرهابية تزعزع أمن واستقرار دول أعضاء في المنظمة»٬ وإذا كان النظام الإيراني سيستمر في دعمه للإرهاب بعد هذا البيان وهذا شيء بعيد فإنه يجّر نفسه إلى الهاوية.
لا يخفى على أحد ما تقوم به إيران من دور في التدخل في الشؤون الداخلية في دول العالم العربي والإسلامي وتأجيج الصراعات الداخلية في هذه الدول٬ ولا تجد قضية إقليمية ساخنة في بلد ما٬ إلا واتخذتها ورقة تلعب بها في سبيل مصالحها٬ ولنا في كثير من الأزمات العربية أكبر دليل على ذلك؛ ألم تتدفق الأسلحة والأموال من إيران للحوثيين في اليمن٬ وتجعلهم قوة حتى وصلوا إلى عدن٬ وأصبحوا يهددون أمن دول الخليج٬ قبل عاصفة الحزم؟ ألم يظل لبنان ولا يزال دولة من دون رئيس٬ بسبب هيمنة ما يسمى «حزب الله» على القرار السياسي٬ وهو الذي يأتمر بأمر إيران؟ ألا نرى ماذا يحدث في العراق من عدم استقرار سياسي وتشريد وإبادة لجماعة السنة في العراق؟ وفي سوريا حيث أصبحت وكًرا لمنظمات الإرهاب تقتل وتفتك بالأطفال والنساء٬ بسبب التدخل الإيراني الروسي٬ والوقوف ضد طموح الشعب السوري في دولة آمنة كبقية الشعوب؟
لم يعد الإرهاب في المنطقة العربية متمثلاً في منظمات «داعش» و«القاعدة» و«النصرة»٬ إنما الإرهاب هو أكبر من ذلك.. إنه إرهاب تمارسه وتقف وراءه دول وخاصة إيران٬ فهي الدولة الضالعة في الإرهاب منذ سنوات وجاء الوقت لكشف المستور وتسمية الأشياء بأسمائها٬ حيث إن للإرهاب دولة وهي إيران٬ وعلاقة إيران بالإرهاب الدولي ليست خفية على أحد٬ ويمكن أن يكون سبًبا في حبل المشنقة٬ الذي يجب أن يلتف حول رقبة النظام الإيراني تدريجًيا٬ ما لم تنَصع طهران للإرادة الدولية٬ وتتعايش إقليمًيا وفًقا لقواعد ومعايير الشرعية والقانون الدولي.
لقد نفد صبر الدول العربية٬ وخاصة دول الجوار من سياسات إيران التي تتشدق بالدين٬ وتتلقى الأوامر من الولي الفقيه.
وفي تطور سريع عن الإرهاب الذي تدعمه إيران في منطقة الشرق الأوسط والتدخل في الشؤون الداخلية للدول٬ أكد تقرير أصدرته الولايات المتحدة الجمعة الماضي٬ أن إيران واصلت رعايتها للهجمات الإرهابية في العالم منذ 2014 حتى الآن٬ كما استمرت في تزويد النظام السوري بالأسلحة رغم مشاركتها في المحادثات المتعلقة ببرنامجها النووي.
وقال التقرير الذي أعدته وزارة الخارجية الأميركية٬ إن جمهورية إيران الإسلامية٬ دعمت جماعات من بينها «حزب الله» اللبناني وحركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة٬ كما استخدمت ميليشيات شيعية لتنسب لنفسها الفضل في النجاحات ضد مسلحي تنظيم داعش في العراق٬ والتقليل من أهمية الغارات الجوية التي يشنها التحالف العربي في اليمن.
كما أكد التقرير تعنت إيران في الملف النووي٬ وعدم السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة برنامجها النووي٬ وإقرار البرلمان الإيراني قانون منع وحظر أي مراقبة دولية على منشآتها العسكرية والنووية٬ وأشار التقرير إلى التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية لدول العراق وسوريا واليمن وجنوب لبنان٬ وفرض المذهب الشيعي على دول المنطقة.
وتبقى التساؤلات: هل ينعكس ما جاء في البيان الختامي٬ الذي صدر عن منظمة التعاون الإسلامي على الحراك السياسي لإيجاد حلول للقضايا التي للنظام الإيراني يد فيها؟ هل تحل قضية اليمن مثلاً بدعوة إيران لرفع يدها عن دعم الحوثيين٬ وتترك اليمنيين يحلون قضيتهم بأنفسهم؟ هل تشرع إيران في سحب قواتها من سوريا٬ وتترك للشعب السوري أن يحدد مصيره بنفسه؟ هل ترفع إيران يدها عن «حزب الله» وينزع السلاح منه٬ وتفرض هيمنة الدولة في لبنان وينتخب رئيس له؟ هل تمتنع إيران عن التدخل في الشؤون الداخلية للعراق الذي يكاد يقسم وتنهار دولة العراق؟ هل ستمتنع إيران عن تزويد الإرهابيين في الدول العربية بالأموال؟
إذا تحقق كل ذلك نقول إن النظام الإيراني استمع لصوت العقل والمنطق٬ وإن ما جاء في بيان القمة الإسلامية قد تم تفعيله٬ وإلا من الواجب أن يقدم رموز النظام الإيراني لمحكمة العدل الدولية٬ لأنهم مسؤولون عن كل المذابح التي حدثت وتحدث في سوريا والعراق واليمن وغيرها!