كان يفترض بالبطاقة التمويلية أن تسبق قرار رفع الدعم عن المواد الأساسية، كي تكون الأولى بمثابة الاسفنجة، ولو الرقيقة جداً، التي ستمتصّ نقمة الناس حين يدركون أنّ الحدّ الأدنى للأجور بات يساوي صفيحتيّ بنزين لا أكثر!
إلّا أنّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولاعتبارات قد لا تخلو من السياسة، رمى كرة النار بين أقدام السلطة التنفيذية، ولو أنّ المقصود بضربته هذه إصابة الرئاسة الأولى وفريقها السياسي ليعلن بشكل رسمي عدم قدرته على فتح أي اعتماد على أساس سعر 1515 أو 3900، وبالتالي هو لن يقدم على هذه الخطوة لتأمين الدولارات الطازجة إلّا على أساس سعر السوق الموازية…. فيما البطاقة التمويلية لا تزال غارقة في “كشتبان” المعايير الواجب اعتمادها لتحديد من سيتمّ استثناؤهم من البطاقة على اعتبار أنّ الغالبية العظمى من اللبنانيين باتوا فقراء أو ما دون خطّ الفقر، وفي مستنقع آلية الدفع، ذلك لأنّ مصرف لبنان يرفض دفع قيمة هذه البطاقة بالدولار فيما المؤسسات الدولية تريد ذلك.
ولمّا تمكنت اللجنة الوزارية التي نصّ عليها قانون البطاقة، ومهمتها وضع معايير وآلية الاستفادة من البطاقة (برئاسة رئيس الحكومة وعضوية وزراء المالية والاقتصاد والشؤون الاجتماعية)، من تحديد رزمة معايير الاستثناءات واتفقت على أنّ المنصة التي سيصار إلى اعتمادها لتسجيل المستفيدين هي منصة impact التي أنشأها التفتيش المركزي وجرى استخدامها لتسجيل طلبات التلقيح، كما حددت المبلغ المستحق لكل فرد، فصار 15 دولاراً، بدلاً من 18 دولاراً. وكي تحافظ على الحد الأقصى الممكن لكل عائلة استحدثت 11 دولاراً لمن هم فوق 75 سنة… فقد بقيت نقطة واحدة عالقة، وهي طريقة الدفع والعملة المستخدمة.
وفق المتابعين، فإنّ وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني تمنّع عن اعطاء إجابة واضحة عن كيفية الدفع وعما اذا كانت لديه الاعتمادات الكافية لبدء تسديد البطاقة في ما لو بدأ العمل على المنصة الالكترونية وتنقيح الطلبات. فلم يردّ لا سلباً ولا ايجاباً.
في هذه الأثناء، وجّهت الأمانة العامة لمجلس الوزراء كتباً إلى كل الإدارات المعنية لتسمية مندوبين عنها في اللجنة التقنية التي ستتولى متابعة المسألة، ومن بين تلك الإدارات، وزارات المال، الداخلية، الشؤون الاجتماعية، الاقتصاد، مصرف لبنان، التفتيش المركزي، الإحصاء المركزي، مجلس الانماء والاعمار، الأمم المتحدة، البنك الدولي، الاتحاد الأوروبي… وذلك لتأليف اللجنة التقنية.
بالتوازي، يعمل التفتيش المركزي على تطوير النظام الالكتروني الذي قامت على أساسه منصة impact كي يتم اطلاقه بشكل رسمي بعد اتمام كل الاجراءات التنفيذية.
بالنتيجة، فإن البطاقة، التي صارت توجد آلية للاستفادة منها، تستهدف 505000 أسرة، بعدما استثنى القانون، الذي أقره مجلس النواب في 30 حزيران الماضي، المستفيدين من برامج أخرى، أي برنامج دعم الأسر الأكثر فقراً وبرنامج شبكة الأمان الاجتماعي، والذين قُدّر عدد المستفيدين منهما بـ245 ألف أسرة. كذلك، خفض متوسط المبلغ الذي تحصل عليه كل أسرة من 136 دولاراً إلى 96 دولاراً بحجة توحيد قيمة المبالغ المقدمة من مختلف البرامج.
تؤكد مصادر وزير الشؤون الاجتماعية أنّ اطلاق البطاقة ينتظر فقط الانتهاء من الخطوات العملانية التي هي المرحلة الأخيرة، خصوصاً وأنه من المتوقع أن يتقدم أكثر من 800 الف أسرة، يفترض توحيد البيانات وترتيبها وتنقيحها لإحالة حوالى 200 ألف أسرة إلى البرنامج الأشد فقراً، ليستفيد حوالى 500 ألف أسرة من البطاقة التمويلية، ولذا يفترض أن تكون الآلية شديدة الدقّة لمنع الازدواجية والاستفادة من أكثر من برنامج.
وتجزم بأن إطلاق البطاقة لن يحصل قبل الانتهاء من هذه الاجراءات، مشيرة إلى أنّ الخلاف حول العملة التي ستعتمد لن يكون عائقاً أمام البطاقة، لأنّ الدولار سيكون وفق سعر السوق الموازية.