Site icon IMLebanon

الملف المالي والاقتصادي مجدّداً في واشنطن

 

زمكحل لـ«اللواء»: غياب الرؤية الاقتصادية تُفقد الثقة لإعادة إحياء لبنان

 

في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار الى ما يمكن أن تؤول إليه المستجدات الإقليمية وانعكاس آثارها على لبنان، تبقى هناك عددا من الملفات تفرض نفسها على المشهد الداخلي دون إيجاد أي من المخارج أو الحلول لها رغم أهميتها وأولويتها، فبالإضافة الى استمرار الشغور الرئاسي معلّقا على عقارب ساعة التسويات الخارجية وقفز ملف النزوح الى واجهة الأحداث مجددا بعد التطورات الأمنية الأخيرة المرتبطة بالموضوع، يبقى الملف الاقتصادي والمالي يشكّل اهتماما بارزا مع استمرار تدهور الأوضاع الاجتماعية وارتفاع في معدلات التضخم والضعف المتزايد للقدرة الشرائية للمواطنين مما يزيد من حدّة الأزمات.

وفي هذا الإطار، تترقب الأوساط الاقتصادية نتائج زيارة الوفد اللبناني الوزاري والمالي الى واشنطن برئاسة نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي وبمشاركة وزير الاقتصاد أمين سلام وحاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، إضافة الى مستشار رئيس الحكومة سمير ضاهر وعدد من كبار المسؤولين، وتهدف الزيارة لمقاربة مجموعة من المخارج في محاولة لإيجاد الحلول الممكنة للأزمة المالية التي مضى على بدئها قرابة الخمس سنوات، وكذلك التنسيق والسعي لتأمين الدعم للبنان، رغم الصعوبات التي تعترض مسار الإصلاحات بفعل عوامل سياسية وأمنية تحول دون إقرار ما يلزم من قوانين وتشريعات.

وكما بات معلوما، فان على جدول أعمال الزيارة لقاءات عدة مع كبار المسؤولين المعنيين في الإدارة الأميركية، إضافة الى مشاركة الوفد اللبناني في اجتماعات الربيع السنوية للبنك الدولي، وفي الاجتماعات الدورية السنوية لصندوق النقد الدولي.

وبحسب المعلومات المتوفرة لـ«اللواء» من واشنطن فان المحادثات تتركز حول آخر تطورات الأوضاع الاقتصادية والمالية في لبنان، حيث جرى طرح مجموعة من الاستفسارات من قبل المسؤولين الدوليين عن البرنامج الإصلاحي المتفق عليه مع لبنان، والتشديد على ضرورة إنجاز كل القوانين المطلوب إقرارها ومنها تعديل قانون السرية المصرفية، وقانون إعادة هيكلة المصارف من أجل وضعها ضمن البرنامج النهائي للأخذ به في المجلس التنفيذي لإدارة صندوق النقد، وذلك بعد مرور عامين على الاتفاق المبدئي مع لبنان دون إحراز أي تقدّم يُذكر في عملية التنفيذ.

وكشفت المصادر عن استمرار الصندوق السير بالتزاماته وتعهداته بتقديم أكثر من 3 مليارات دولار بشكل مساعدات لدعم النهوض الاقتصادي في لبنان، في حال إيفاء الحكومة اللبنانية بوعودها بتنفيذ سريع لحزمة شاملة من الإصلاحات من أجل التوصل الى اتفاق رسمي معه، كذلك استعداده للتعامل مع السلطات اللبنانية، خصوصا انه لا يزال يقدّم دعمه من خلال مساعداته الفنية والتقنية في تنمية القدرات في المجالات التي تستطيع السلطات تحقيق تقدّم فني فيها، بما في ذلك الإطار القانوني للرسوم الجمركية، والسياسة الضريبية، وإعداد التقارير المتعلقة بالميزانية.

وذكرّت المصادر بالدعوة المستمرة من قبل الدول المانحة والمجتمع الدولي والدول العربية للبنان بضرورة مساعدة نفسه أولا، ووجوب قيام سلطته السياسية بوضع إستراتيجية اقتصادية واضحة لتخطّي الأزمة المالية والاقتصادية، معتبرة بأن تنفيذ حلول جزئية وغير مستدامة بانتظار تسوية من هنا أو هناك ليست بالأمر السليم.

من ناحيته، ثمّن رئيس الاتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين وعميد كلية إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف فؤاد زمكحل عبر «اللواء» الجهود الذي يقوم بها الوفد اللبناني في واشنطن لمتابعة الاجتماعات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والقيّمين على الوضعين الاقتصادي والمالي في لبنان، ولكن في المقابل اعتبر ان الأمور على أرض الواقع لا تزال على حالها منذ أربع سنوات، أي منذ اندلاع أكبر أزمة مالية ونقدية اقتصادية بتاريخ العالم كما تم تصنيفها من قبل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، رغم التقارير الواردة من هاتين المؤسستين باعتبار ان أزمة لبنان لا مثيل لها وهي باتت معتمدة داخليا وإقليميا ودوليا.

وذكّر زمكحل بانه بعد مرور 6 سنوات على انعقاد آخر مؤتمر تمويلي للبنان في نيسان 2018 وهو «مؤتمر سيدر»، والذي أطلق عليه هذا الاسم كونه «مؤتمر الإصلاحات والتنمية مع الشركات» والتي أقرّت خلاله الدول المانحة أكثر من 14 مليار دولار ليستفيد منها لبنان، فان الدولة لم تقدم أي مشروع أو تقوم بتطبيق أي من الاجراءات المرجوة حتى الآن، رغم انها مُطالب بها منذ مؤتمرات باريس 1و2 و3 ان كان على صعيد المشاريع المحددة، أو بالنسبة لملاحقة دفاتر الشروط والتدقيق الداخلي والخارجي.

ولفت زمكحل الى انه يصادف أيضا هذا الشهر الذكرى الثانية لتوقيع الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد، والذي طالب بإقرار قوانين عدة وتطبيق إصلاحات معينة، ولكن لم يتم تنفيذ أي منها حتى الآن حسب زمكحل الذي قال: «للأسف لا نزال نتابع الاجتماعات والزيارات الى واشنطن وغيرها، دون الوصول الى أي توافق أو تفاوض رسمي مع الصندوق، الذي لديه شروطا صارمة على الرغم من مرور أربع سنوات على الأزمة المالية والاقتصادية الأصعب دوليا»، مستغربا كيف ان المسؤولين المباشرين عن الأزمة التي تعتبر الأسوأ دوليا لا يزالون في الحكم وهم من يديروها دون القيام بأي اجراءات إصلاحية، بالتوازي مع استمرار تعدد أسعار الصرف وعدم إقرار «الكابيتال كونترول» وغيره من القوانين، معتبرا ان المعطيات تؤكد بان ليس هناك نيّة حقيقية أو وجود رؤية موحّدة من قبل كافة الأفرقاء، لتعيد لنا الثقة لإعادة إحياء لبنان.

وختم مؤكدا وجود مجموعة كبيرة من المشاريع الداخلية وإعادة هيكلة لعدد آخر منها، والتي وضعتها شركة «ماكنزي» في العام 2018، ولكن للأسف لا زالت هذه المشاريع في أدراج مجلسي النواب والوزراء لان المشكلة هي عدم وجود النيّة الحقيقية للقيام بمشاريع جديّة وملاحقتها.