IMLebanon

جمود يُحاكي الأزمة والآتي أعظم!

 

رغم كل ما حمله يوم أمس من إرباك جراء ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة بشكل جنوني وانعدام إمكانية السيطرة على أسعار السلع عشية بدء شهر رمضان، بدت البلاد كمن لا مسؤول فيها ولا من يخرج للناس ليقول ولو كلمة على سبيل المؤاساة. بدا الفشل ذريعاً للجميع على اختلاف مستوياتهم وهم بدوا كثرة عدد بلا فائدة. وبينما كان سعر الدولار يزيد على المائة والخمسين في السوبرماركت وداخل المحال التجارية التي شرعن لها وزير الإقتصاد، «فلتة زمانه»، أمين سلام، التسعير بالدولار كان رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يقوم بزيارة تهنئة لنظيره القبرصي على انتخابه.

 

لندع خبرية الترسيم مع قبرص جانباً لأن الكل يقدّر أن لا الظرف مناسب ولا هو مهيّأ لأي ترسيم من أي نوع كان. كان يمكن لتخلّف لبنان عن تقديم التهنئة للرئيس القبرصي أن يتسبب بأزمة ديبلوماسية عميقة لولا أن رئيس حكومة تصريف الأعمال قام على رأس وفد وزاري رفيع مؤلف من خمسة وزراء بتقديم التهنئة راعى في إختيارهم التوزيع الطائفي. وبينما هو في قبرص أقفلت المحال التجارية أبوابها وأنذرت محطات الوقود بالتوقف عن العمل وخرج الناس إلى الشارع بالإطارات المشتعلة التي صارت بلا فائدة.

 

نيابياً ساد الصمت المطبق. لم يخرج علينا أي نائب شاجب أو مستنكر ولو بدعوة إلى الله ليعين شعبه على ما ابتلاه. وحده رياض سلامة الحاكم بأمر المركزي بادر ولجم ارتفاع الدولار الجنوني، رفع سعر صيرفة الرسمي فانخفض سعر الصرف. اللعبة صارت مكشوفة. تخفف صيرفة من روع الناس ولو بهامش عشرة آلاف بينها وبين سعر الصرف في السوق السوداء. أيام معدودة ويعود الجنون ذاته. ماذا بعد؟ يقول العالمون إنّ الآتي أعظم للأسف وإنّ كل ما نشهده ليس إلا عينة صغيرة مما ستحمله الأيام المقبلة في حال لم يتم الإستدراك بحراك أو بخطوة تلجم وقع الأزمة وتعجّل في انتخاب الرئيس.

 

لا سابق لحالة الجمود السياسي والعجز الداخلي السائد. في المقابل هناك حراك كبير في الخارج وتموضعات جديدة وتوافقات ينتظر لبنان نتائجها بينما لا يحتل الأولوية في اهتمامات الدول. يبدو لبنان كسجين يرصد بحسرة تحرر غيره بينما يعيش هو خلف القضبان.

 

إرتأى فريق أن يستعين على الأزمة بالصلاة تضرعاً. اللهم أمطر علينا رئيساً يمثل وصوله معجزة إلهية. زاد الإيمان والكل شمّر للصلاة ثيابه. وفريق آخر يوازيه عجزاً يعيش على أمل أن ينعش إتفاق الخارج حظوظ مرشحه الرئاسي. وبين الفريقين لا ضير أن يكثر البعض من إطلالاته وأحاديثه الصحافية كمن ينبه العالم لوجوده في لحظة تحولات مفصلية تعيشها المنطقة. يحكى أنّ أحدهم من أهل الربط والحل في السياسة إستعان على هموم البلد بزجاجة خمر خرج بعدها نصوحاً.

 

على المقلب الآخر عمّ الصمت بانتظار ما سيعلنه أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله من مواقف تجاه رئاسة الجمهورية ومصير ترشيح رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية. ليس معلوماً ما سيعلنه السيد بينما لم يحدث أي خرق لصالح مرشح الثنائي منذ الإعلان عن تبني ترشيحه قبل نحو أسبوعين. فرنجية ذاته لم يقتنع بإعلان ترشيحه بعد ولم يجد ظرفاً ملائماً لذلك. حتى أن المرشحين لا يُحسدون على وضعهم. الأزمة أكبر منهم والرئيس المنتخب لن يكون الرجل الخارق لأن الإمكانات ضئيلة مقابل إستفحال الأزمة وتشعباتها.

 

في كل مرة تتزايد حدة الأزمة وتنذر بالأخطر يتعزز فيها الخوف من الوصول إلى وضع صعب يكون المطلوب في ظله إنتخاب رئيس غب الطلب على صفيح ساخن. رغم كل ما تشهده البلاد فلا تواصل ولا إتصالات بين أي فريق سياسي وآخر ولم يسجل أي تحول يبنى عليه رئاسياً، وقد شمل الضياع سفراء الدول الأجنبية والعربية على حد سواء. العين على عودة السفير السعودي وليد البخاري العائد من إجتماع باريس ليستكمل جولته على المسؤولين السياسيين، وترقب إنعكاسات الإتفاق السعودي – الإيراني والخطوات التي يخطوها العرب باتجاه إعادة سوريا إلى الحضن العربي، وإلى حينه يجب الإنتظار لتحديد البوصلة رئاسياً. بلد يستعين على أزماته بالصلاة الروحية والمناجاة لن تكون له قيامة قريبة لأنّ شرط قبول الصلاة صفاء النية، ونوايا السياسيين من أتباع الكنيسة أو المسجد غير صافية بعد…