Site icon IMLebanon

تصعيد مالي بعد سقوط المقاربات الرئاسية

يتّجه العنوان المالي لتصدّر لائحة الأولويات السياسية والأمنية في المرحلة المقبلة، وسط مناخ من التصعيد الواضح بين فريقي 8 و 14 آذار، وتحديداً بين تيار «المستقبل» و«حز ب الله» وحركة «أمل»، وذلك على خلفية التباين الحاصل في المقاربات بين هذه الأطراف للموضوع المالي العام. ويعكس هذا المناخ التصعيدي الذي استبق جلستي انتخاب رئيس الجمهورية واللجان النيابية المخصّصة لبحث قانون انتخاب جديد، أن لا أفق راهناً للإستحقاقات الدستورية مهما اختلفت مواعيدها، كما كشفت أوساط نيابية شاركت في الجلستين اللتين واجهتا المصير نفسه في المجلس النيابي بالأمس. وقالت هذه الأوساط أن رهاناً محلياً كان قد برز في الأسابيع الماضية لتحييد ملفي الرئاسة والإنتخابات الرئاسية عن «الكباش» الإقليمي، وذلك عبر حركة اللقاءات التي سُجّلت قبل وبعد عيد الفطر، ولكنها استدركت موضحة، أن ما من نتائج ملموسة قد تكرّست في هذا السياق، بل على العكس من ذلك، فإن الدوران في حلقة مفرغة قد استمر رغم المواقف الإيجابية التي أعلنت على صعيد قانون الإنتخاب على الأقلّ، وتلك التي سمحت بتكوين انطباع خاطئ لدى الرأي العام باحتمال حصول تسوية رئاسية بين أفرقاء الداخل.

وبصرف النظر عن محاولات رمي الإتهامات بين الفريقين في 8 و 14 آذار في الملف المالي راهناً، فإن الأوساط النيابية نفسها، وجدت أن فتح سجالات جانبية لتحويل الأنظار عن الأولويات السياسية لا يتعدى كونه مناورة لم تعد تنطلي على أحد، وذلك بعدما تبيّن للجميع في الداخل كما في الخارج، أن هناك فشلا كبيرا على صعيد أي حراك سواء من خلال الحوار، أو من خلال المؤسّسات الدستورية، ومن الصعب البناء على أية مبادرة سياسية مهما كانت طبيعتها في الظروف الراهنة. ولكن هذه الوقائع لا تخفي حقيقة صعبة وخطيرة ومتمثّلة باستمرار الهاجس الأمني والخشية من أي انزلاق نحو أحداث إرهابية بعدما تزايد الحديث في الآونة الأخيرة عن أن الخلايا الإرهابية ما زالت موجودة، ومنتشرة في أكثر من منطقة، وإن كانت نائمة الآن بعد التفجيرات الإنتحارية الأخيرة التي حصلت في بلدة القاع.

وانطلاقاً من هذه المعطيات، فإن خيار المراوحة والتطبيع مع الشغور الرئاسي، يبدو الخيار الأكثر ترجيحاً على الأقلّ من الأسابيع المقبلة، كما أضافت الأوساط نفسها، والتي اعتبرت أن العمل سيتركّز فقط باتجاه تفعيل مجلس الوزراء والحد من أي تدهور أمني أو إقتصادي، وبالتالي مالي. وأكدت أن هذا الواقع يعكس تقاطعاً في المواقف لدى واشنطن، كما لدى عواصم القرار في المنطقة، حيث أن التوجّه لدى الإدارة الأميركية بشكل خاص هو الترقّب والإكتفاء بمراقبة تطوّرات الحرب السورية، مع الإبقاء على الإستقرار، وبالحد الأدنى على كل المستويات في لبنان.

أما بالنسبة للتصعيد اللافت في المواقف بعد مرحلة من الركود في المرحلة الماضية، فقد وجدت الأوساط النيابية، أن حال التردّي والفساد والهدر المتزايدة في المؤسّسات، هي الدافع الأساسي وراء الحملات التي تُسجّل حول ملفات معيشية واقتصادية مختلفة. وتوقّعت أن ينعكس هذا المناخ على ملف النفط الذي فُتح حديثاً ولم يسلك  طريق الإتفاق المبدئي الذي سجّل فيه، إلى المؤسّسات وتحديداً مجلس الوزراء. ورجّحت أن تشهد الأيام المقبلة فصولاً من التجاذب السياسي على خلفية مالية وإقتصادية، علماً أن نقطة الخلاف الجوهرية هي حول السلّة التي لا تزال معلّقة حتى شهر آب المقبل.