ورد في البند ط من مقدمة الدستور اللبناني، ما حرفيته:
أرض لبنان أرض واحدة لكلِّ اللبنانيين. فلكلِّ لبناني الحق في الإقامة على أيِّ جزءٍ منها والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أيِّ انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين.
الكلمة الأخيرة من هذا البند هي لا توطين، وقد وضعها المشرِّع اللبناني للحفاظ على القضية الفلسطينية التي في جوهرها حق العودة للفلسطينيين إلى أرضهم، فإذا قبِل اللبناني بتوطين الفلسطينيين، فهذا يعني أنّه تخلَّى عن حقِّ العودة لهم إلى أرضهم.
اليوم تعود مخاطر التوطين من باب محاولة إدخال تعديلات على مشروع قانون حق المغتربين في استعادة الجنسية، فحاول البعض إدخال بندٍ على مشروع القانون المذكور عنوانه إكتساب الجنسية والفارق واضحٌ بين العنوانين:
حق المغتربين في استعادة الجنسية هو للمغتربين اللبنانيين الذين يملكون الجنسية ولم يُعطوها لأبنائهم وأحفادهم فيأتي مشروع القانون ليُعيدها إليهم.
أما إكتساب الجنسية فيدخل من باب أنَّ الأم اللبنانية تستطيع منح الجنسية لزوجها وأولادها، من هذا الباب يدخل التوطين المقنَّع. ففي آخر إحصاء أنه لو تم إقرار هذا القانون فإن نحو أربعمئة ألف شخص سيكتسبون الجنسية انطلاقاً من زوجاتهم أو أمهاتهم، وهؤلاء في معظمهم من الفلسطينيين الموجودين على الأرض اللبنانية.
حين يُعطى أربعمئة ألف فلسطيني الجنسية اللبنانية، ألا يكون هذا توطيناً؟
وإذا كان التوطين مخالفاً للدستور فهل يُعقَل إقرار قانون مخالف للدستور؟
في هذه الحال يجب تعديل الدستور في فقرة التوطين، وفي حال عدم التعديل، فإن تشريع التوطين جريمةٌ يعاقب عليها القانون.
إذاً، المتاح الوحيد هو حق المغتربين في استعادة الجنسية، وهذا الحق هو أقل ما تعطيه الدولة اللبنانية للمغتربين الذين بفضلهم استطاع اللبنانيون المقيمون الصمود والبقاء واقفين على أرجلهم على مدى أربعين عاماً من الحروب المتعاقبة. واستعادة المغتربين لجنسيتهم لا يعني أنهم غداً سيقفون طوابير في مطارات العالم ليعودوا إلى أرض آبائهم وأجدادهم، بل يعني انهم استعادوا جنسيتهم وبإمكانهم ممارسة حقهم في المشاركة في الإنتخابات النيابية، فلماذا هذه القيامة على هذا الحق؟
ولماذا الخشية من إدراج هذا البند على جدول أعمال الجلسة التشريعية؟
ولماذا الإيحاء بأنَّ البعض يخشى من أن يستعيد المغترب جنسيته اللبنانية؟
كم كان مفيداً إدراج هذا البند ومعه بند قانون الإنتخابات النيابية، لكانت الجلسة مرّت بسلاسة وفيها أيضاً قوانين التشريعات المالية.
لكن في مطلق الأحوال ستنعقد الجلسة بنصابٍ قانوني، فالمكوِّنات السنية والشيعية والدرزية ستكون حاضرة، بما يُشكِّل، عددياً، نحو 64 نائباً، يضاف إليهم نواب تيار المردة ونواب المسيحيين المستقلين، ويكون خارجها ثلاثة مكوِّنات مسيحية وازنة، هي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب.
ستمرُّ الجلسة التشريعية، وستصدر التشريعات المالية، وسيتجاوز لبنان قطوع وضعه على اللائحة السوداء دولياً، ولكن ماذا عن اللائحة السوداء داخلياً بضرب الميثاقية؟