لا حل قريباً لمشكلة المساعدات المدرسية في قوى الأمن الداخلي، أقلّه في المدى المنظور، ما بقي مجلس الوزراء معطّلاً، إلا إذا اجترح وزير المالية علي حسن خليل حلّاً سحرياً. ووسط استياء عسكريي المؤسسة من الإجحاف اللاحق بهم، وتحديداً لناحية عدم مساواتهم بنظرائهم في الأجهزة الأمنية الأخرى (الجيش والأمن العام)، بعدما تقلصت المنح المدرسية لعناصر قوى الأمن من 82 في المئة إلى ٥٠ في المئة، فيما لا تزال في بقية الأجهزة الأمنية على حالها، بل وارتفعت إلى ٨٦ في المئة لعسكريي الجيش، يُصبح التساؤل مشروعاً عن سبب عدم انسحاب هذه المشكلة على بقية الأجهزة، ما دام «الحال من بعضه»، لكون جميعها ينطلق من قانون موازنة عام ٢٠٠٥.
تساؤلات كثيرة تتردد ومسؤوليات تُحمّل على ألسنة ضباط وعسكريين: مديرية قوى الأمن لا تتحمل وزر عدم مساواتها بباقي المؤسسات الأمنية، لكنها مسؤولة عن عدم معالجتها؛ العلاقة بين المدير الحالي اللواء إبراهيم بصبوص ووزارة المال ليست كما كانت عليه في عهد المدير العام السابق اللواء أشرف ريفي؛ إذا كانت العقدة في وزارة المالية التي ترفض صرف المبالغ المطلوبة، فلماذا لا يرفع اللواء بصبوص القضية إلى رئيس الحكومة تمام سلام؟ وهل كان اللواء ريفي أكثر إلحاحاً منه أيام تولّي الوزير محمد الصفدي لوزارة المالية؟ لا إجابات واضحة تُفسّر ما يجري، سوى أنّه «لا توجد أموال والمديرية تخطّت سقف الاعتماد المحدّد لها».
مصادر مطّلعة على الملف تؤكد عدم جواز المقارنة بين عهدي ريفي وبصبوص، إذ إن «المسائل المالية كانت تُحلّ في مجلس الوزراء حينها، فيما المجلس معطّل اليوم. وإذا أجابت المالية بأنه لا يوجد لديها مال لصرفه، فمن سيُعطينا المال؟». وتلفت المصادر نفسها إلى أن «سقف الاعتمادات بات أكبر. وفي كل سنة نطالب بزيادة الموازنة باعتبار أن أعداد المستفيدين باتت أكثر، يأتي الرد بالرفض».
المديرية ووزارة المال تتبادلان تحميل المسؤوليات
ولكن ماذا عن مصاريف المهمات وسفر الضباط؟ وإذا كان الشحّ في الموازنة عاماً، فلماذا تأثّرت الحلقة الأضعف المتمثّلة في العناصر، فيما لا يزال عشرات الضباط يُسافرون في بعثات خارجية مع ما يترتب على ذلك من مصاريف إضافية؟ ولماذا لا يُقتطع من المبالغ المرصودة للمخصصات السرية ولقادة الوحدات والمهمات والمساعدات الاجتماعية وغيرها؟ بحسب المصادر، ذلك «غير ممكن»، باعتبار أنّ «المسألة ليست مسألة صناديق، يؤخذ من هنا ليُدفع هناك»، فضلاً عن أن «المديرية في اجتماعات الموازنة كانت تطلب المساواة بنفس النسب المئوية، لكن الرد كان يأتي أنكم تجاوزتم سقف الاعتمادات المحدد لكم».
في المحصّلة، الأزمة المالية مستمرّة. تعيش المديرية على الواردات من محاضر الضبط بالنسب المخصصة لها، إضافة إلى ما تبقى من اعتماد مالي في الموازنة. وبالتالي، لا مساواة بين عسكريي قوى الأمن وباقي الأجهزة الأمنية حتى تردّ وزارة المالية في هذا الخصوص، حيث تستقر الكرة الآن، لا سيما أن المديرية بعثت، عبر وزارة الداخلية، بخمس مراسلات منذ آذار الماضي إلى وزير المال لإنهاء الأزمة. وبالتالي، يُصبح السؤال: في ظل غياب مجلس الوزراء لإقرار رفع الاعتماد، هل يحل وزير المال الأزمة بقرار منه؟