يبدو أن طبخة البطاقة التمويلية باتت على نار حامية وستنضج قريباً، اذ وقّع وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني أمس مشروع قانون معجلاً معداً من قبل رئاسة الحكومة يرمي إلى إقرار البطاقة التمويلية وفتح إعتماد إضافي استثنائي لتمويلها.
خبر محفّز وايجابي رغم أن هذه الخطوة جاءت متأخّرة، ولكن من أين ستأتي الحكومة بالمال على المدى الطويل، طالما باءت المحاولات التي قام بها رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب للحصول على تمويل بالفشل؟
لم تفصح الحكومة ولا حتى وزارة المال عن أية تفاصيل إضافية حول مصدر التمويل وكيفية الإستفادة من البطاقة، وفي محاولة للاستيضاح عن ذلك، أوضح نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني لـ”نداء الوطن” أنه “يمكن للحكومة ان تؤمن جزءاً من التمويل للبطاقة التمويلية لكن الاعتمادات لن تكون كافية لتغطية كل المحتاجين لها، لأنه وبحسب البنك الدولي، أصبح أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر والاستغناء عن الدعم يتطلب بطاقة تمويلية لأكثر من 700 ألف عائلة”.
ورأى أنه “يمكن للدولة اللبنانية ان تستحصل على مساعدات خارجية ايضا لتغطية كلفة البطاقة. كما ان الدعم المباشر يجب أن يوزع بعدالة ومن دون محسوبيات، لذلك يجب ان يحصل تحت اشراف المنظمات العالمية مباشرة وبحسب آليات تضعها. كما يجب دراسة توزيع العائلات المحتاجة على مستوى الأقضية من قبل جهات مستقلة، والا فقد ننزلق الى خطر المحسوبيات وتتحول البطاقة التمويلية الى بطاقة انتخابية”.
وحول الآلية التي ستعتمد في الدعم من خلال البطاقة، اعتبر أنه “يجب ان تحدّد السلع التي يمكن استعمال البطاقة لشرائها من مواد غذائية وأدوية ومحروقات كما تحتاج الى أن تفعّل عبر شبكة من الأجهزة والتطبيقات لقراءتها في المحال. لذلك من الاسهل ان تكون على شكل تطبيق على الهواتف الذكية ليصبح استعمالها متاحاً على أوسع نطاق ممكن”.
وإذا تأخرت الحكومة كثيراً في البت بهذا الموضوع، فسيتطلب ذلك وقتاً طويلاً للتنفيذ بشكل ناجح. وسأل حاصباني: “كيف ستوفّق الحكومة بين الحاجة والتنفيذ ورفع الدعم والرقابة؟ هذه معادلة تنذر بالفوضى العارمة”.
وكان تكتل الجمهورية القوية تقدّم بخطة واقتراح قانون معجل مكرر عن البطاقة التمويلية لكنه لم يجدول على جلسات مجلس النواب خلافاً لما هو معتمد. وتتمحور رؤية “القوات اللبنانية” لتنظيم الدعم المباشر عبر المحفظة الإلكترونية حول ما يلي:
الدعم (تغطية العملات الأجنبية للاستيراد بنسب مختلفة) الذي يقدمه مصرف لبنان بإجمالي 5.7 مليارات دولار (من دون فيول كهرباء لبنان) ويتوزع كالتالي: المواد الغذائية بقيمة 2.5 مليار دولار، الأدوية والمستلزمات الطبية 1.3 مليار دولار، المازوت والمحروقات 1.9 مليار دولار. وهذه التغطية ليست دعماً للسلع من قبل الدولة بل هي من احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية. فقرار الدعم ونسبه يتخذه بهذه الحالة مصرف لبنان وهو صاحب الصلاحية رغم انه قد يكون موجهاً معنوياً من الحكومة، ويحصل باستخدام احتياطي مصرف لبنان بالعملات الأجنبية (أي أموال المودعين).
واعتبرت الخطة أن نسبة الاحتياطي بالعملات الأجنبية المقدرة المتبقية لمصرف لبنان هي تقريبا 900 مليون دولار وهي تكفي لمدة شهر ونصف او أكثر بقليل إذا تم ترشيد الدعم.
ومن الاحتمالات الخطيرة ان يلجأ مصرف لبنان الى استخدام جزء من احتياطي المصارف (17.5 مليار دولار) بعد إصدار قرار بخفض نسبة الاحتياطي من 15% من قيمة الودائع الى 12% فيحرر 3.5 مليارات دولار للدعم مما يتيح التغطية لمدة 6 أشهر او أكثر، حسب نسبة الترشيد. وهذا قرار يمكن لمصرف لبنان اتخاذه منفرداً ولا يتطلب قانوناً، وقد يكون مقروناً بقرار سياسي.