IMLebanon

نيران المنطقة ومحاولة  الحريري إنقاذ الإعتدال

التطرف في لبنان، من أيِّ جهة أتى، يوازي المعادلات التالية: حروب، تفكك الدولة، ضياع الوطن.

والإعتدال مناقض للتطرف ومعادلاته، ونتيجته: السِلم الأهلي وتحصين الدولة واسترداد الوطن.

بهذا المعنى، وانطلاقاً من هذه المعادلة، يسابق الرئيس سعد الحريري الوقت والظروف والمخططات لتجنيب لبنان الكأس المُرَّة للتطرف الذي لا يمكن أن ينجو منه أحد، فالحرائق في المنطقة لا شيء يمنعها من الوصول إلى لبنان الذي اختبر امتدادات الحروب على مدى ربع قرن، وها هو يراقب كيف أنَّ الحرب السورية تتمدَّد من سنة إلى سنة، ونحن في هذه الأيام على عتبة انقضاء السنة الخامسة على الحرب السورية التي اندلعت في آذار 2011، وخُيِّل لبعض بسطاء السياسة أنَّها حادثٌ عرَضي، لتصل بعد خمسة أعوام إلى محاولة لوقف النار برعاية أميركية – روسية مشتركة وبغطاء من الأمم المتحدة.

مع كل هذه الأهوال، لبنان يواصل دفع الثمن وتحمّل الأعباء: مخيمات النازحين السوريين بلغت أكثر من خمسة آلاف مخيم، وأعداد النازحين تجاوزت المليون ونصف مليون نازح، وهؤلاء، إذا لم يحصلوا على المساعدات الدولية الملائمة، فإن معاناتهم ستزداد، ومعهم معاناة اللبنانيين.

يُدرِك الرئيس سعد الحريري كل هذه المخاطر، ولهذا يبدو في سباق مع كل الإستحقاقات:

يزور الرئيس نبيه بري، يستقبل وفوداً من مختلف المناطق، يُدلي بالمواقف، يُغرِّد، وكل ذلك من أجل تحييد لبنان عن النيران المشتعلة.

البيان المشترك الصادر عن الرئيس بري وعنه، بعد لقائهما في عين التينة وضع الأصبع على الجرح فاعتبر أنَّ قادة الرأي في لبنان والقيادات الدينية والسياسية ومختلف مؤسساته الإعلامية والثقافية مطالَبة بالتصدي للحملات المشبوهة ومواجهة كل محاولة لإشعال نار الفتنة حرصاً على لبنان واللبنانيين.

في مطلق الأحوال، وبعد نجاح وأد الفتنة، فإنَّ الإستحقاقات الداهمة هي بيئية وصحية، فهل يُعقَل أن ينجو اللبناني من رصاص الحروب والإنفجارات ليموت من النفايات وما تسببه من أوبئة وأمراض؟

ربما هذه المخاوف ما ستدفع الحكومة ولو بتأخير شهور إلى حزم أمرها لبتِّ خطة المطامر وهذا ما سيكون نجم جلسة مجلس الوزراء غداً الخميس، تحت طائلة اتخاذ خطوات من شأنها أن تشكِّل ضغطاً على الوزراء لحزم أمرهم. ومن الخطوات المحتملة، تجميد جلسات مجلس الوزراء وعدم الدعوة إليها لأنه تستحيل الإستقالة، خصوصاً أنَّ النفايات باتت تشكل خطراً حقيقياً على كلِّ شيء:

من البشر، إلى الحجر، إلى البيئة، خصوصاً أنَّ النفايات بدأت تصل إلى المياه الجوفية.

على رغم كلِّ شيء ما زالت هناك فرصة لإنقاذ الإعتدال والشراكة، فهل يتلقَّفها المعنيون؟