مهما كان نوع الشهادة التي تصدر نتائجها، سواء متوسطة أم ثانوية، أكاديمية أم مهنية، فأهالي الطلاب الناجحين، إلا قلة منهم، اختاروا سلوكاً سيّئاً في تعبيرهم عن فرحهم بعد نجاح أولادهم.
هذا السلوك درج عليه قسم من الأهالي منذ سنوات، لكن البعض ظنّ أن الأزمة الإقتصادية التي تضرب البلد منذ الـ 2019، قد تدفع بهذه العادة السيئة- إطلاق الرصاص إبتهاجاً- إلى التراجع، إن لم نقل إلى الإنتهاء كلياً. لكن واقع الحال لا يوحي ذلك، إذ إن معظم هؤلاء قرروا هذه السنة أيضاً ومع دولار يتخطى 90 ألف ليرة لبنانية، الإستمرار في النهج نفسه بالرغم من ارتفاع أسعار الرصاص أضعافاً مضاعفة عما كانت عليه قبل عام 2019.
بالأمس كان الموعد مع صدور نتائج شهادة الإمتياز الفني المهني TS، وكانت فرصة جديدة لمن لديهم سلاح أن يجرّبوه أو يستعملوه مجدّداً. ولهذا السبب، اشتعلت سماء الشمال بالأعيرة النارية من رشاشات وبنادق حربية، فملأت الليل بالخوف والذعر، معلنة الحرب على الجهل والتخلف بنشر الفوضى والذعر في نفوس الناس. هذه المظاهر منعت عائلات عدة من الخروج إلى الشرفات ليلاً تخوفاً من الرصاص الطائش، على الرغم من أن الجو كان حاراً للغاية ويقتضي الخروج الى الهواء الطلق. لكن حذر الأهالي لم يمنع حدوث بعض الإصابات وتعرّض منازل أو سيارات لرصاص طائش وفي مناطق مختلفة من الشمال كطرابلس والمنية وعكار.
رصاص فرح الناجحين بنجاحهم امتزج في الأيام الأخيرة مع رصاص الفرِحين بعودة أقاربهم من أداء مناسك الحج، وبالطبع كانت هذه مناسبة أخرى إضافية لأقرباء وذوي هؤلاء من أجل التعبير عن فرحتهم بعودة الأحباب من الديار المقدّسة، بإطلاق الرصاص وإشعال الجبهات في عدة أمكنة. إلا أن العجب العُجاب كان قبل نحو 3 أسابيع، عندما ألغت حكومة تصريف الأعمال في اجتماعٍ لها الشهادة المتوسطة. ومع أن الطلاب نجحوا بهذا القرار من دون امتحانات مفترضة لم يتقدّموا لها، إلا أن أهالي طلاب ناجحين في الشهادة المتوسطة، عمدوا إلى إطلاق رصاص الإبتهاج تعبيراً عن الفرح بنجاح أبنائهم في شهادة لم يتقدّموا لاختباراتها، وأقيمت الأفراح والليالي المِلاح.
ومع أنّ هناك رفضاً واسعاً لظاهرة إطلاق الرصاص العشوائي في المناسبات ودعوات متكررة الى الإقلاع عنه نهائياً نظراً لخطورته، إلا أنّ الدولة والأجهزة الأمنية المعنية، ما زالت تُرخي الحبل لحملة السلاح أو المستهترين بأرواح الناس وممتلكاتهم، بعدم جمع السلاح المتفلت من جهة أو عدم معاقبة من يطلق الرصاص بالمناسبات، وفي حال أوقفت القوى الأمنية أو مخابرات الجيش أحد مطلقي الرصاص فإن الوساطات السياسية والأمنية تشتغل على الخط، لإطلاقه خلال يومين أو ثلاثة.