قبل يومين، كانت «أول إشارة»، من الرئيس سعد الحريري، ومن قلب بيروت، الى أن «تيار رفيق الحريري، يستحيل أن يسقط لا بالضربة القاضية ولا بالنقاط«.
في 7 أيار 2008، ظن «حزب الله» ومن معه أن باستطاعتهم إسقاط تيار «المستقبل» بالضربة القاضية، بقوة السلاح الذي اجتاح بيروت واستباح كرامة أهلها، فكانت النتيجة أن سقطوا هم، وما زالوا مستمرين في سقوطهم إلى اليوم، ولم يسقط تيار «المستقبل» بالضربة القاضية، بل عاد في انتخابات العام 2009 أقوى مما كان، وما زال «الرقم الصعب» في الحياة السياسية اللبنانية.
منذ ذلك التاريخ، الرهان مستمر على إسقاط تيار «المستقبل» بالنقاط، والحريري لا يفعل غير «العض على الجرح» لوضع هذه النقاط على حروف الاستمرار في مسيرة رفيق الحريري، من مواجهة اليد التي حاولت قطع «يده الممدودة» في حكومة الوحدة الوطنية، إلى التصدي للانقلاب على نتائج انتخابات العام 2009 التي كرسته زعيماً للأكثرية النيابية، مروراً بفضح «دكتور الكذب بشار الأسد» وكشف مناورات «حزب الله»، وصولاً إلى الصبر على الاغتيالات التي طاولت أقرب المقربين إليه من اللواء الشهيد وسام الحسن إلى الوزير الشهيد محمد شطح، وليس انتهاءً بالمبادرات الرئاسية وشظايا الانتخابات البلدية، وما قبلهما وبعدهما من أحداث سياسية كان عنوانها الوحيد «كسر شوكة الحريري» التي لم تنكسر، ولن تنكسر.
أقر الحريري بمسؤوليته الوطنية عما سبق، على أنه «ذنب» اقترفه بـ»عقلانية» مدرسة رفيق الحريري في «حماية لبنان من جنون الآخرين». قدم لجمهوره ولكل اللبنانيين دروساً في الثبات على «الصدق والصراحة والوفاء» في بحر من دروس الإصرار على «الكذب والمناورة والتجييش والتلاعب على غرائز الناس» التي يقدمها الآخرون.
قال بكل جرأة «أنا المسؤول». لم يهرب إلى الأمام، لم يرمِ «الحق على الطليان». ذهب كزعيم إلى مصارحة جمهوره واللبنانيين بكواليس مرحلة شرب فيها «كأس السم»، كي لا يشربوه هم، أو يشربه اللبنانيون، وفتح الباب واسعاً أمام مرحلة جديدة ستتوالى إشاراتها من كل المناطق، الإشارة تلو الإشارة، في افطارات هذا الشهر الفضيل، وما بعده، وعنوانها «الصراحة في المواجهة، والأمانة في التقويم، والجرأة في المحاسبة«.
لكن الأهم في ما قاله عن مسؤوليته عن تلك المرحلة، أنها كانت «مسؤولية عربية وإقليمية» بحجم «مسؤوليات» ملوك وأمراء ورؤساء دول، ممن ذكرهم، الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله، ورؤساء أميركا وفرنسا ومصر وتركيا وأمير قطر، الذين تقاطع معهم في «السين سين»، بكامل إرادته وقناعته، على بذل أي جهد ممكن لإعادة سوريا إلى الحضن العربي وفك ارتباطها بإيران، ودفع من أجل ذلك الثمن من كبريائه وكرامته ومشاعره الشخصية، وأثبت لهم أن الحق كان معه في حقيقة أن الأسد مجرم وكاذب.
وبيت القصيد هنا، أن زعامة الحريري، ببعدها الوطني والعربي، والتي أملت عليه كل هذه المسؤوليات الكبيرة، أكبر من أن يتنطح لها من يشكك بها، أو يزايد عليها، على مذبح «زعامة بلدية» من هنا، أو «زعامة مذهبية» من هناك، وتحديداً كل من يظن أن باستطاعته «تزوير مسيرة رفيق الحريري والتلاعب بها«.
بعد ما سمعناه من الرئيس سعد الحريري في الأيام الماضية، يكاد المثل يقول لبعض المراقبين :»من راقب الحريري وتياره مات هماً«.
المؤكد، أن الحريري لا يريد لأحد أن يموت من همومه، وما أكثرها، ما دام همه الوحيد الذي يستجلب كل الهموم، أن يحيا الإنسان في لبنان، بحرية وكرامة، لا أن يموت بما يجنيه الغير من ويلات أفقدت البلد مناعته السياسية والأمنية والاقتصادية، وأن لا يتأخّر عن حماية لبنان، فيما البعض لا يتأخر عن توريطه في حروب الآخرين.
() منسق عام الإعلام في تيار «المستقبل»