المعارضة لا تتوقع انتخابات قريبة وتخشى تعطيلاً طويل الأمد
مع إصرار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، على عقد جلسة لمجلس الوزراء، وتأكيده أنه لن يسأل عمن يحضر أو يغيب، لأنه اتخذ قراره، فإن الفرصة تبدو سانحة لمزيد من المشاورات بين المكونات السياسية بشأن الانتخابات الرئاسية، بعد تأجيل رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة الـ11 التي كانت مقررة، اليوم. لكن دون الجزم بإمكانية إحراز تقدم على هذا الصعيد من شأنها تغيير المشهد الداخلي، باعتبار أن كل طرف مازال على مواقفه، سواء عند الموالاة أو المعارضة، إزاء استمرار غياب مؤشرات التوافق بشأن الانتخابات الرئاسية، وفي وقت لم يعلن عن أي تحرك خارجي لحل المأزق الرئاسي. فما يُحكى عن حراك فرنسي أو سعودي، لا يعدو كونه محاولات لإحداث خرق في الجدار، لكن دون أن يترك مفاعيله على الصعيد الداخلي، لأن المكونات السياسية لا تقوم بما يتوجب عليها من خطوات، لتسهيل الانتخاب بتقديم تنازلات للتوافق على شخصية قادرة على إنقاذ البلد مما يتخبط به من أزمات. وإن أشيع في هذا السياق، أن تحركاً دبلوماسياً مرتقباً من جانب عدد من السفراء المعتمدين في لبنان، على القيادات السياسية لتشجيعها على سلوك طريق الحوار، دفعاً باتجاه التوافق على رئيس للجمهورية، دون أن تظهر معطيات حسية تؤكد هذا التوجه حتى الآن.
ad
وتسأل مصادر معارضة، «طالما أن حزب الله يصر على العودة إلى الحوار للخروج من المأزق الرئاسي، فلماذا يصر على دعم مرشحه رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية؟. وهو ما يثير شكوكاً جدية بنوايا الحزب. وهذا أمر مثير للقلق، من أن يكون الهدف من ذلك وضع الجميع أمام الأمر الواقع الذي قد يدفع إلى انتخاب مرشح الحزب للرئاسة الأولى». وتضيف، «ما الذي يمنع أن يستنسخ مجلس النواب اللبناني، جلسات الانتخاب المتتالية لمجلس النواب الأميركي، حتى تمكنه من انتخاب رئيس له في نهاية المطاف؟. وهذا الأمر ممكن في لبنان، إذا توافرت النوايا الحسنة التي تسمح بتهيئة المناخات، لانتخاب رئيس للجمهورية، يعبر عن تطلعات اللبنانيين وحدهم، ولا يكون محسوباً على أي محور خارجي» .
ولم يكن أمراً مستغرباً، برأي المصادر المعارضة، أن «يعود التيار الوطني الحر، إلى التمسك في الاقتراع بالورقة البيضاء. وهذا إن دل على شيء، فعلى أنه ما زال يعتمد أسلوب المناورة برأي مصادر معارضة، لأنه لا يمكنه أن يسير عكس تيار حليفه «حزب الله»، باعتبار أنه مازال يراهن على دعم الحزب لرئيسه النائب جبران باسيل لرئاسة الجمهورية، في مرحلة لاحقة. ولذلك فإن «العوني» ليس في وارد الخروج من عباءة حليفه الشيعي، لا بل إنه لا يتجرأ على مخالفة توجهاته، باعتبارهما صنوان في عملية التعطيل على حساب مصلحة البلد والناس». وأشارت إلى أن «كل ما يجري بين هذين الفريقين، مجرد توزيع أدوار، لا أكثر ولا أقل. وبالتالي فإن التعطيل سيستمر، لا بل إنه مرشح لأن يأخذ أبعاداً مختلفة في المرحلة المقبلة، طالما أن «حزب الله» وحلفاءه، مصرون على السير بمرشحهم حتى النهاية، وعدم الاستعداد لملاقاة الفريق الآخر في منتصف الطريق، للخروج من المأزق الرئاسي» .
واستناداً إلى التجربة التي مرَّ بها لبنان خلال السنوات الست الماضية، فإن المصادر المعارضة تجزم بأن لبنان سيبقى دون رئيس للجمهورية، إذا لم ترفع اليد الإيرانية عنه. أي أن طهران هي التي تمسك بقرار انتخاب رئيس جديد للبنان. وطالما أنه لم يبدل الإيرانيون في مواقفهم، فإن الحراك الخارجي، ولا حتى الداخلي، قادر على إحداث خرق في الجدار. وقد ظهر بوضوح أن الإيرانيين يريدون التفاوض مع الخليجيين والغرب بشأن الملف اللبناني. وحتى الآن لا يبدو أن المجتمع الدولي بصدد إجراء مفاوضات مع طهران في ما يتصل بالانتخابات الرئاسية في لبنان. ومعنى ذلك بوضوح، أن الأفق مقفل ولن يحصل أي تقدم على صعيد الاستحقاق الرئاسي في لبنان» .
مع انطلاق مهمة التحقيق الدولي الفرصة أصبحت مؤاتية لمعاقبة المتورطين في ملفات الفساد
وترى المصادر، أن «من مصلحة المسؤولين اللبنانيين، أن يتم التعاون مع وفد التحقيق الأوروبي، لأن هناك قراراً دولياً بتعقب المتورطين بالفساد في لبنان، بعد تجاهل كل النداءات الدولية بضرورة اتخاذ إجراءات إصلاحية، تساعد لبنان على الخروج من أزماته. ويبدو أن الفرصة قد أصبحت مؤاتية، لمعاقبة المتورطين في ملفات الفساد، والذين يعملون على عرقلة سير العدالة في الكثير من هذه الملفات التي يصر وفد التحقيق الدولي على الخوض بتفاصيلها، بالرغم من الاعتراضات التي صدرت عن بعض المتضررين من نتائج هذا التحقيق، وما يمكن أن يتركه من تداعيات في المرحلة المقبلة» .