IMLebanon

سنة أولى عهد

 

غدا الثلاثاء، يطبّق العهد سنته الأولى الحافلة، بالكثير من المبادرات، التي أكتمل بعضها، وبعضها الآخر على وعد الاكتمال.

لقد أنجز قانون الانتخابات، على ما هو عليه من تعقيدات، وبقي ان تجرى الانتخابات وسط العراقيل والعقبات، المتنامية كالفطر السام على جذوع الشجر.

وحقق الجيش فجر الجرود، وتحررت السلسلة الشرقية من العناصر الارهابية، وكشف المصير السيّئ للجنود المخطوفين الشهداء، لكن قتلتهم غادروا بحافلات مكيّفة!

الاستقرار النقدي تمت المحافظة عليه، وان بالمزيد من الكلفة، وأعيد تجديد الماكينة القضائية، ونفذت سلسلة الرتب والرواتب من جيب قانون الضرائب، وجرت تعيينات، لكن على طريقة ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم، وقاعدة قم لأقعد مطرحك.

التغيير حصل في بعض المواقع، ولكن ليس دائما نحو الأحسن، خصوصا على صعيد مكافحة الهدر والفساد، حيث ما زالت الممرات العسكرية مفتوحة عبر المرافق، برا وبحرا وجوا، ولا يكفي انكار شيء، للاقناع بأنه ليس موجودا، انما الأفضل ان يقال ان للظروف أحكامها، وهذه قاعدة يحفظها اللبنانيون عن ظهر قلب، من تأجيل الانتخابات الى التمديد للقيادات، كما للنواب، وللانسان من دهره ما تعود…

البعض يعتقد ان القليل من الفساد الذي يشكو منه اللبنانيون، مباع، لكن كثيره مدمّر، وهل أفظع من الدمار الذي أحدثه الفساد في خزانة الدولة اللبنانية المبتلية بالعجز عبر الفوضى الكهربائية وحدها؟

 

الفساد، واحد مهما اختلفت المؤسسات، ومهما اختلف الحجم والمسؤولية، وهو ملتصق بالسلطة، ان لم يكن بذاتها، فبالقوانين والمحاكم المرتبطة بها، ومن هنا كان خطاب الرئيس عون في افتتاح السنة القضائية ملامسا لواقع الحال.

والفاسدون على اختلافهم أكانوا جاهلين أم متعلمين يؤمنون بالولاء، بديلا للكفاءة، من أعلى المناصب الى أدناها ويحتمون ببعضهم بعضا، وبمواقع النفوذ، أو بمواقع التواصل المنتشرة كالغسيل على سطوح المنازل…

لقد وضع العهد اللبنة الأولى في مدماك مكافحة الفساد من خلال الوزارة التي تحمل هذا الاسم، لكن حتى الآن لم يظهر للعيان ان هذه الوزارة الصورية تستحق اسمها، فيما كان النجاح مدويا، لكل من ساهم باطلاق حرية هيئة المناقصات في التفتيش المركزي، وكذلك المجلس الدستوري بما يعني الطعن بقانون الضرائب، ومع ذلك، ما زالت المسائل التي عرضت على هاتين الهيئتين، عالقة، فقانون الضرائب ما زال عرضة للمراجعة، وتلزيم البواخر التركية وبالسعر الهائل يبدو كقرار منزل…

نقطة الضعف الأساسية في السياسة الخارجية خرجت عن مألوف لبنان العربي القائم على أخوية العلاقة مع الدول الخليجية خصوصا، فضلا عن الالتزام بالاجماع العربي، والابتعاد عن سياسة المحاور ومعه مبدأ النأي بالنفس، المدعوم من المجتمع الدولي. لكن كل هذا حدث تحت العنوان نفسه: للظروف أحكام، حتى بلغ بنا الانسياق خلف هذا المنطق حدّ الاساءة الى العلاقة الحميمة مع مصر، في المنافسة على موقع المدير العام للأونيسكو، بعد تنفير دول الخليج من باطنية التعاطي مع المحاور المخاصمة. وصولا الى استعجال تعيين سفير جديد في سوريا، ما حمل السبهان على التغريد متناولا صمت الحكومة والشعب ويقصد الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني بالتأكيد.

لا شك ان الرحلات الرئاسية والحكومية الخارجية الكثيفة، أعادت ابراز صورة لبنان الى المشهدين العربي والدولي، وجددت تكريس وجود لبنان الدولة بعد الفراغ الرئاسي الطويل، وربّ قائل ان النتائج لم تكن بحجم التوقعات. لكن، من ينظر في الاهتمام الدولي المستعاد، وأثره في حماية الاستقرار اللبناني، رغم وقوعنا على الضفة الغربية لنهر الفتنة السورية المشتعلة منذ سبع سنوات، يدرك أهمية الجهد المبذول خلال السنة الأولى من عمر العهد.

كل هذه الأمور سيتناولها الرئيس ميشال عون مساء اليوم مع رؤساء تحرير نشرات الأخبار التلفزيونية. مع التذكير مسبقا بأن المستقبل يصيغه الآخرون على قياسهم لا على قياسنا.