IMLebanon

خمس مزايا للشراكة تُسقطها اللبننة

من حيث المبدأ، يعتبر قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص نقلة نوعية على المستوى الاقتصادي، لكنه في الوقت نفسه، قد يتحوّل ورطة تكشف عورات السلطة العاجزة عن الانتقال من سياسة الهدر المُبرمج، الى مرحلة الاستثمار المجدي.

بعد طول انتظار، محلي وخارجي، نجح المجلس النيابي في إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. هذا القانون يُفترض أن يؤدّي الوظائف التالية:

1- ضخ الأموال المكدّسة لدى القطاع الخاص، (في المصارف) في مشاريع البنى التحتية للدولة، وتأمين تمويل تعجز الخزينة عن تحمّله.

2- إدخال ديناميكة القطاع الخاص الى مشاريع القطاع العام، وضمان نجاحات اكبر للمشاريع الخدماتية التي تؤمّنها الدولة للمواطنين.

3- منع الفساد والهدر في تلزيم وتنفيذ ومن ثم تشغيل المشاريع.

4- دعم الاقتصاد وتشجيع الاستثمارات من خلال ضمان تحسين وتأهيل البنى التحتية.

5- جذب استثمارات خارجية، وتشجيع المؤسسات الدولية على تقديم المزيد من الدعم للبنان.

كل هذه المزايا، التي تبدو للوهلة الاولى ممتازة، ومغرية جداً للمضي قدماً في تنفيذ مندرجات القانون، قد تصطدم بواقع آخر يتعلق بمصالح امراء السياسة الذين يعتمدون نهج النهب المُنظّم لخيرات البلد، رغم علمهم ان الامور وصلت الى حافة الهاوية، وبات المركب مهدداً بالغرق بكامل حمولته.

هذا الواقع، قد يؤدي الى ثلاثة احتمالات، في موضوع تطبيق قانون الشراكة:

اولا: الامتناع عن تطبيقه وابقائه مجرد قانون نظري، كما هي حال عشرات القوانين غير المطبّقة، وضمّه الى لائحة القوانين الهالكة في اللجنة النيابية التي يرئسها النائب ياسين جابر، ومهمتها تحريك مسألة تنفيذ القوانين غير المنفذة.

ثانيا: تطبيقه نظرياً، على غرار قوانين يوهمون الناس بأنها مُطبقّة، في حين انها مُجمّدة بقرار، على غرار قانون الاثراء غير المشروع، او من أين لك هذا؟ وقانون التوظيف في القطاع العام.

في قانون الاثراء غير المشروع، تحولت الشروط المُدرجة في مضمونه الى شروط تعجيزية مُناسبة لأمراء السياسة. وبات المواطن الذي يرغب في تقديم شكوى اشتباه بحالة اثراء غير مشروع، مُهدداً بأن يتحول من مُتهِم الى مُتهَم، ومن بريء، يريد تطبيق القانون، الى مُشتبه به وربما مُدان عليه ان يدفع ثمن جرأته في محاولة تطبيق القانون.

وبالتالي، صار القانون القائم عقيماً، وغير صالح لاصطياد الفاسدين، بل يحميهم ربما، لأن مجرد وجوده يعطي الانطباع بأن لا حاجة الى قوانين اضافية لمكافحة الهدر والفساد.

في مسألة قانون التوظيف في الدولة، نجح امراء السياسة في اعتماد التحايل من خلال ابتكار صيغ التعاقد والمياومة والعمل على القطعة. وحوّلوا القطاع العام الى قطاع متضخّم، يمتصّ بند الرواتب نسبة غير طبيعية في مجموع الانفاق (حوالي 40%)، وتحول عبئا على الدولة بدلا من ان يكون قطاعا منتجا يساهم في النمو الايجابي للاقتصاد الوطني.

وعلى هامش هذا الموضوع، لا بد من الاشارة الى ان قانون الوصول الى المعلومات الذي أقرّ حديثاً بعد جهد كبير وطويل، يبدو انه سيَلقى مصير قانون الاثراء غير المشروع، وسيبقى مجرد قانون نظري بلا تطبيق، لأن امراء الوزارات والمؤسسات العامة، لن يوافقوا على كشف أوراقهم السوداء.

ثالثا: تدجين القانون، وتطبيقه على الطريقة اللبنانية، وافراغه من المزايا الخمس (المذكورة آنفاً)، من خلال اعتماد مبدأ المحاصصة، وإسقاط عقلية النهب على القانون من زاوية لبننته. وهذا الأمر ممكن، بل متوقّع، لأن الواقعية تفرض الاعتراف، بأن القطاع الخاص، ورغم شفافيته في الاعمال، الا انه بات يدرك الواقع اللبناني، ويتعامل معه على هذا الاساس.

وهذا المنطق يقول، انه لا يمكن الحصول على التزام او صفقة اعمال من القطاع العام، من دون دفع المعلوم، كسمسرة غير قانونية، هذا اذا لم يفرض من بيده القرار ان يكون شريكا مضارباً في المشروع، وفق مفهوم شريك في الربح، لا في الرأسمال.

هذا الاحتمال الثالث، يبدو الاكثر ترجيحاً، وهو سيؤدّي حتماً الى فرملة الاستثمار الخارجي في المشاريع المطروحة للشراكة بين القطاعين، كما سيؤدي الى زيادة كلفة تنفيذ المشاريع، بما يعني زيادة كلفة الخدمة على المواطن، كما سيؤدي الى عرقلة السير بالمشاريع بالسرعة المطلوبة، ويخفّض منسوب الشفافية، على غرار ما يجري في مشروع تأهيل الكهرباء المتواصل منذ اكثر من عشرين سنة، بلا نتيجة حتى الان.