التعقيدات والعرقلات الظاهرة بطريق تشكيل الحكومة، ومن خلال لعبة الحقائب أو الأحجام، مجرد قشور لحقيقة مختلفة، لحمتها التنافس على الامساك بزمام السلطة، تحت عنوان المشاركة، وسواها تأمين جملة اعتراضية داخل التركيبة الحكومية، عبر مفهوم الميثاقية.
الرئيس المكلف سعد الحريري استغرب أمام زواره هذا الكمّ من العراقيل والتذرعات، بطريق تشكيل حكومته، وهو لم يعد يتردد في تسمية الأشياء بأسمائها، كما يقول الزوّار، مشيرين الى دهشة الأوساط من بعض المواقف المتراجعة، بتأثير الضغوط المباشرة وغير المباشرة والحسابات الجديدة أو القديمة المستعادة، يضاف الى كل ذلك ما أفضى اليه التنافس على الحقائب الدسمة والحرزانة، بحيث لم يترك المتطلبون لتيار المستقبل، غير حقيبة الداخلية كوزارة أساسية، بينما اجتاحت موجة النهم السياسي باقي الوزارات السمان، كالاتصالات والطاقة والأشغال العامة، فيما عيون الآخرين على كل ما يقطر لبنا وعسلا…
الأوساط المتابعة بدأت تتلمّس الأثر الاقليمي في التشنجات المتصلة بتأليف الحكومة، وهي التي توقعت استقرار المناخات بعد ما استجدّ من اتصالات وتواصلات، ضمن اطار التهنئة، أو استذكار الغارة الاسرائيلية، لكن يبدو ان الجمل بنيّة والجمّال بنيّة، لقد تحوّل شعار الميثاقية، من حامٍ للتوازن الوطني، الى عصا في عجلات الحلول، فمراعاة الميثاقية في تشكيل الحكومة، باتت تعني ان يسمّي كل فريق سياسي يمثّل طائفته، وزراء الطائفة أو المذهب، أو على الأقل له حق الفيتو على من يُسمّى من قبل غيره.
وفي الحالة الراهنة، يُخشى، عند تطبيق مثل هذا المبدأ، كما ترى ثنائية أمل وحزب الله، تحوّل الوزراء الشيعة الخمسة الى خُمس معطّل داخل مجلس الوزراء، استنادا الى نظرية الميثاقية، التي تبطل أي قرار في حال غياب أو معارضة أي مكوّن طائفي لهذا القرار، وهناك سابقة المراسيم والقرارات الصادرة عن حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، بعد استقالة الوزراء الشيعة منها، والتي ما زالت مركونة في أدراج مجلس النواب، منذ العام ٢٠٠٧…
وقد حاول التيار الوطني الحر، ان يكرّر اللعبة نفسها مع حكومة تمام سلام الحاضرة، لكنه اصطدم بوجود وزراء مسيحيين مستقلين أو من غير نسيجه السياسي فأخفقت المحاولة.
بانتظار المزيد من المعطيات الخارجية، تتمثل العقدة الراهنة بمطالبة التيار الحر بالتخلي عن تفاهماته الوزارية مع القوات اللبنانية والرئيس الحريري بالتراجع عن وعوده الحقائبية للدكتور جعجع، في وقت تعتبر القوات مثل هذه الطروحات شروطا، بل تدخلات في خيارات الآخرين، بينما يرفض المتدخلون، مقاربة حصصهم الوزارية، حتى من جانب رئيس الجمهورية، الذي تتحدث مصادر القوات عن لقاء قريب للدكتور جعجع معه، للتهنئة بالرئاسة، وللتأكيد بأن مشاركة القوات في الحكومة هي لحماية العهد وليست حصصية…
كثيرون يتساءلون عن موقف اللقاء الديمقراطي ووليد جنبلاط من الحقائب والأسماء، والبعض وعد باقناعه بما لم يقتنع به، عند الضرورة، وإذ جاءهم الجواب، بأن ما يعني اللقاء صيرورة الحكومة، بصرف النظر عن الحقيبة أو العدد، الصحة أم العدل، وبرأي جنبلاط ان الحكومة الافتراضية لا تزال في المحجر الصحي، وبالتالي لا مقاربة قريبة…
أما بالنسبة الى تيار المستقبل، فالتعويل الآن على عودة الوزير جبران باسيل من جولته الأميركية اللاتينية، بوصفه عرّاب التفاهمات والاتفاقات ليفتي بالأمر، على الرغم من وجود مالك في المدينة…
المصادر المتابعة، كانت توقعت الحكومة نهاية هذا الأسبوع، بعد جولة الاتصالات الأخيرة للرئيس المكلف، وإذ بها تأسف أمس، لما اعتبرته مبالغة في التوقيت…