Site icon IMLebanon

فرنسا: وجودنا في الخماسية مكسب للبنان… وتهديد نصرالله غير عملي

 

أسئلة كثيرة يتم التداول بها حول هدف اللقاء الخماسي اليوم في السفارة الاميركية، فالبعض روّج أنّ السفارة في صدد تحضير صيغة جديدة لتحرّك الخماسية، والبعض الآخر جزم بأنها ستضع سقفاً زمنياً لتحركها، وآخر افترض صدور اجراءات عقابية للمعرقلين سيتم الاعلان عنها فور انتهاء اجتماع اللجنة الخماسية. الّا انّ الامر الوحيد المؤكّد في لقاء اليوم انّ السفارة في صدد تولّي المهمة الصعبة على عاتقها علناً قد تكون مؤشراً الى انتخابات رئاسية لبنانية مبكرة ام العكس ايضاً، بمعنى ان تكون مؤشراً الى قرار تحييد تلك الانتخابات اللبنانية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية لأنها أولوية.

وفي السياق تقول مصادر ديبلوماسية فرنسية لـ»الجمهورية» ان اجتماع اللجنة الخماسية غداً هو لإجراء جردة كاملة لكافة الاجتماعات والمشاورات التي عقدت مع السياسيين والكتل النيابية وجميع الاطراف التي التقتها الخماسية، مع الاخذ بالاعتبار كافة المسائل التي تطرق اليها المبعوث الفرنسي جان ايف لو دريان. وبعد اجراء تلك الجردة على الملف سوف يطرح السؤال «ماذا بعد؟».

المصادر نفسها حذّرت من انها ستكون فرصة لإعادة التأكيد بأنّ مسؤولية الانتخاب لا تقع على اللجنة الخماسية بل على الفرقاء اللبنانيين، لأنّ الازمة ليست دستورية بل هي ازمة سياسية.

 

ولفت المصدر الديبلوماسي الفرنسي الى انّ فكرة تحديد مهلة زمنية لانتهاء عمل الخماسية ليس دقيقاً، فالعبرة ليست في القول علناً ان هناك خط نهاية بل سيكون هناك خط نهائي تذكيري للطبقة السياسية اللبنانية اننا قادمون في حزيران على انتخابات رئاسية وعلى استحقاقات عالمية عدة ستحيّد لبنان عن سلّم اولويات لبنانية جَهدت فرنسا لإبقائها على فترة طويلة اولوية بالنسبة لأجندات بلاد مهمة كالسعودية والولايات المتحدة الاميركية، والتحذير انّ بعد شهر حزيران سيكون هناك مَلل بالنسبة للمجتمعات الدولية فيما يتعلق بالملف اللبناني وستكون الاولوية لملفات اكثر اهمية في المنطقة وفي العالم، مما سيجعل مصير الملف اللبناني الفراغ. لذلك، إنّ الـ dead line هو لتنبيه النواب الى وجوب القيام بواجباتهم وانتخاب رئيسهم بدءاً من اليوم حتى انتهاء الصيف المقبل، وهذا بحد ذاته تحذير وليس خط نهاية.

 

أميركا والقيادة

وعن تولّي الولايات المتحدة رسم الصيغة الجديدة لتحرّك الخماسية، يقول المصدر ذاته ان الامر لا يزعج فرنسا خاصة ان هناك حماسة اميركية ظاهرة للتحرك مع قدوم السفيرة الاميركية الجديدة وفرنسا تؤيّد كل تحرك مثمر. اما بالنسبة لمكان انعقاد اللقاء ورمزيته، فيُذكّر المصدر ان لقاء الخماسية لطالما تم مداورة، إن كان في السفارة الفرنسية كما في دارة السفارة المصرية وفي دارة السفير السعودي. بمعنى ان فكرة الخماسية هي تشجيع اي صيغة جديدة قد تساعد على بلورة الحل، ولن تكون فرنسا معرقلة لأي صيغة جديدة اذا كانت مثمرة ولو لم تأت عن يدها. ففكرة الخماسية العامة هي وضع اطار لإمكانية الخروج بأطر جديدة لصيغة جديدة لحل الازمة.

ومن هذا المنظار إنّ الديبلوماسية الفرنسية ترحّب بأي خطوة جديدة وتتعامل معها بإيجابية طالما انها تتلاءم مع اجندتها وسياستها الخارجية، وبالأخص في الملف اللبناني، إنما من دون تقدّم اي طرف على الآخر.

 

ويضيف المصدر: الخماسية لا تعني أن يترأس احد اعضائها على الآخر بل هو يبقى ضمن إطار تشاوري جماعي لإيجاد الحل.

 

اما عن سبب اللقاء في السفارة الاميركية تحديداً واذا كان مؤشراً لاقتراب الحل، فلفت المصدر الى انه ليس بالضرورة ان يكون مؤشرا الى اقتراب حل للملف الرئاسي اللبناني بل يمكن ان تكون ايضا لدى السفيرة الاميركية افكار جديدة، ولكن هذا لا يعني ان الحل سيخرج غداً من السفارة الاميركية بل ان فكرة اللقاء هي للتشاور والخروج بصيغة جامعة ولإتمام استراتيجية لصيغة جديدة للمرحلة المقبلة قبل انتهاء الصيف.

 

هوكستين في باريس

من جهة اخرى، يقرّ المصدر الفرنسي الديبلوماسي بأهمية الدور الاميركي الذي لا يمكن التغاضي عن انه محوري واساسي، الا انه لا يمكن في المقابل التغاضي عن الدور الفرنسي المهم وخاصة في موضوع جنوب لبنان تحديداً، كما ان الديبلوماسية الفرنسية ترى انّ هناك نوعاً من التكامل بين الادوار بين فرنسا واميركا، علماً انّ المهمة الفرنسية تمّت بالتنسيق مع الادارة الاميركية وهناك تواصل دائم بين هوكستين ولودريان في وقت تشير معلومات الى انّ هوكستين سيكون في باريس هذا الاسبوع، والتكامل هذا حاصِل في كافة الملفات في الجنوب وغزة والرئاسة، كما ان التكامل قائم بالادوار وبالتوقيت.

 

وينبّه المصدر نفسه الى أمر يجب ان يفهمه الفرقاء واللبنانيون، وهو انّ وجود فرنسا في الخماسية يشكل مكسباً للبنان كي لا يكون وحده، لأنّ فرنسا ستقف دائما في صفّه في لقاءات الخماسية وستكون الطرف الثالث الذي يخفف من حدة المواقف التي تدين لبنان، فيما ستبقى فرنسا متعاطفة والاقرب الى لبنان من باقي الاطراف، وهذه حقيقة.

 

لودريان عائد؟

وعن عودة المبعوث الفرنسي قال المصدر الديبلوماسي نفسه ان عودة لودريان ممكنة في اي لحظة تؤشّر الى اقتراب الحلول، الا ان لودريان لن يعود ليتكلم في المواضيع السابقة نفسها التي تكلم عنها منذ قدوم السفيرة الاميركية الجديدة الى لبنان، لذلك تعوّل الديبلوماسية الفرنسية بشدة على اجتماع اليوم وعلى الاستراتيجية الجديدة المتوقعة لكن اذا بقيت الامور على حالها ولم يحصل اي تطور في المواقف فلن يعود لتضييع الوقت.

 

الورقة الفرنسية

يشير المصدر نفسه الى انّ الورقة الفرنسية ليست مساراً تفاوضياً كي يكون هناك اجابات سلبية او ايجابية عنها، بل هي مسار تشاوري، بمعنى ان الديبلوماسية الفرنسية بحُكم علاقاتها مع الدولتين الاسرائيلية واللبنانية تطرح افكارا وتتلقى مقترحات وملاحظات بنّاءة، ولم تكن الاجابات سلبية كما تُشيع بعض الوسائل الاعلامية، بل كانت ملاحظات من قبل دولة سيّدة تُعبّر عن وجهة نظرها. وقد اخذت فرنسا تلك الملاحظات بعين الاعتبار، علماً ان هناك ملاحظات بالطبع من الجانب الاسرائيلي تأخذها ايضا فرنسا بعين الاعتبار للوصول الى ورقة تُبدّد كامل الهواجس من الطرفين. وهذا المسار متكامل مع الدور الاميركي ويتم تحضير الطريق ايضاً للمسار التفاوضي لهذه المبادرة التي تقوم بالاجراءات التشاورية التي وثّقناها في الورقة الفرنسية بالنسبة للتفاوض على خط الانسحاب.

 

خطاب نصرالله!

يؤكد المصدر الديبلوماسي الفرنسي ان فرنسا ما زالت تعمل على فصل مسار غزة عن المسار الرئاسي، لافتاً الى انّ خطاب نصرالله امس لم يربط ايضاً ملف غزة بالملف الرئاسي، علماً انّ الايليزيه ووزير الخارجية الفرنسية والرئيس الفرنسي وهوكستين يعملون بزخم على ملف التفاوض على خط الانسحاب. امّا اللجنة الخماسية فهي تعمل على خط الرئاسة.

في الوقت نفسه، اعتبر المصدر الفرنسي كلام نصرالله عن فتح البحار للنازحين تهديد واضح او «تِعلاية سقف»، الا انه تهديد لا يمكن ترجمته عملياً..

 

اما بالنسبة لمحاولة فصل جنوب لبنان عن احداث غزة فقد اصبح معلوماً انه امر مستحيل بالنسبة للحزب لأنّ المسارين أصبحا مرتبطين عضوياً وسياسياً ومعنوياً، إنما فصل المسار الرئاسي عن الجنوب هو ما تعمل عليه فرنسا وتُلاقي تجاوباً فيه، وهي تعمل على هذا الامر لأنها تراه ضرورياً. وهذا ما ذكّر به الوزير الفرنسي عندما قال ان لبنان لن يكون على طاولة المفاوضات بغياب رئيس وحكومة فاعلة، وانه لن يُدعى الى اية طاولة حوار او مفاوضات… فيما ترى الديبلوماسية الفرنسية اليوم انّ الأمر اصبح ضرورة ملحة اكثر لأنّ هناك دوراً اقليمياً يجب على لبنان ان يؤدّيه وان يكون ممثّلاً فيه شرعياً.

 

تفاؤل حذر

اما الجواب على الورقة الفرنسية فيعتبره المصدر الفرنسي ايجابي جداً «في وقت لم نكن ننتظر اصلاً جواباً، وسنأخذه بعين الاعتبار بانتظار استكمال الردود من الجانب الاسرائيلي، وفي ضوئه يتم تحضير ورقة منقّحة تأخذ بعين الاعتبار ملاحظات الطرفين ونعود لنقدمها الى الاطراف المعنية، وتكون ضمن المسار التشاوري الذي نقوم به ونعوّل على اجتماع الخماسية اليوم ونتأمّل خيراً فيما قد يحمل السفير الفرنسي بدوره، وليس فقط الاميركي، صيغة جديدة وهو احتمال وارد.