Site icon IMLebanon

الثابت والمتحرك بعد قمة هلسنكي

 

ليس أمام الذين انتظروا قمة هلسنكي لاستكشاف المشهد النهائي في سيناريو حرب سوريا وانعكاسه على لبنان والمنطقة سوى واحد من أمرين: إما المزيد من الانتظار، وإما الخروج من لعبة الانتظار. فالقمة انتهت بما أحدث صدمة في أميركا وأوروبا، ونشوة في روسيا، وتشوشا في الشرق الأوسط. الصدمة قاسية على الذين رأوا في اداء الرئيس دونالد ترامب صاحب شعار أميركا أولا عقلية أميركا ثانيا. والنشوة كبيرة برؤية الرئيس فلاديمير بوتين يتلاعب برئيس أميركي ويفرض عليه التسليم بدور روسيا كقوة عالمية عظمى. والتشوش هو نتاج الصدام بين الأوهام والحقائق في الرهانات المتناقضة على صفقة كبيرة بين واشنطن وموسكو.

ذلك ان الغامض هو ما جرى في المحادثات بين الرئيسين من رأس لرأس على مدى ساعتين. والواضح هو ما قيل في المؤتمر الصحافي المشترك. واستنادا الى ما قيل، فان الصفقة الكبيرة لم تحدث. لا ترامب اعترف، كما تخوّف الأميركيون والأوروبيون، بأن ضمّ شبه جزيرة القرم عمل روسي شرعي وأعلن رفع العقوبات المفروضة على موسكو. ولا بوتين تخلّى، كما راهنت دول عربية واقليمية وأطراف في المعارضة، عن الشريك الايراني مقابل العرض المتعلق بأوكرانيا وعمل على اخراجه من سوريا.

لكن ما حدث ليس قليل الدلالات. فالثابت هو التفاهم الأميركي الروسي على ضمان الأمن لاسرائيل عبر خطين: خط إبعاد أية قوات لايران ووكلائها مسافة كبيرة عن خطوط فك الارتباط في الجولان. وخط ما سمّاه بوتين تكييف الوضع في الجولان بالتوافق التام مع الاتفاق المؤرخ في العام ١٩٧٤ حول فصل القوات الاسرائيلية والسورية، وهذا ما يتيح اعادة الهدوء الى المنطقة واحياء اتفاق وقف النار وضمان أمن دولة اسرائيل بشكل وثيق.

والمتحرك هو مسار طويل يقود الى تسوية الأزمة السورية مرورا بما قال بوتين انه تنظيم التعاون لتجاوز الأزمة الانسانية ومساعدة اللاجئين في العودة الى ديارهم، في اطار قدرة روسيا والولايات المتحدة على تولي الزعامة عالميا في مجال إحلال السلام في سوريا. وهو أيضا البحث في مستقبل ادلب والوجود العسكري التركي في الشمال السوري، والوجود العسكري الأميركي مع قوات سوريا الديمقراطية شرق الفرات في مساحة تقارب ثلث مساحة سوريا. فضلا عن اصرار البنتاغون، برغم رغبة ترامب في استعجال الانسحاب، على ربط الانسحاب الأميركي بالقضاء النهائي على داعش ومنع ايران من الاستفادة مما سمّاه ترامب النصر الأميركي والروسي على داعش.

والسؤال هو: هل نجيد أم نسيء القراءة في هذا المشهد؟