مشهدُ علم «داعش» في عرسال بالأمس أثار غضبنا، لقد شبعنا «كرات نار» تُلقى علينا، لا شأن لنا بما يحدث في الداخل السوري، فطوال عشرين عاماً تحمّل الشعب اللبناني الكثير من النظام السوري، والشعب السوري تفرّج علينا، بل وأيّد نظامه في احتلال لبنان، لم يبقَ سوريّ إلا وأرانا خريطة سوريا مؤكداً لنا أن لبنان جزء منها ومحافظة تابعة لها، هذا ما كانوا يدرسونه من تاريخ في مدراسهم، وعندما قتل النظام السوري الرئيس رفيق الحريري ورفع اللبنانيون في العام 2005 الصوت ضدّ بشّار القاتل، هم أنفسهم «اللاجئون السوريّون» تبجّحوا بالدّفاع عن القاتل في وجوهنا وقالوا: «هيدا الدكتور.. هيدا ما بيقتل»، لقد احتاجوا خمسة أعوام ليعرفوا حقيقة «دكتورهم» القاتل، ومدى قدرته على الإمعان في القتل، قدرة تفوّق بها إجراماً على أكثر سفّاحي العالم!!
ونقول: لا تحريض «جبهة النصرة» للطائفة السُنيّة ولا انتظارها لإجابة الشعب اللبناني، ولا تغريدها على تويتر: «إلى الشعب اللبناني إن جيشكم يرسم طريق مستقبلكم بدخوله إلى عرسال وإهانة أهل السنة فهل أنتم مستعدون لدفع ثمن ثقتكم به؟ ننتظر جوابكم»، وجوابنا لهؤلاء الإرهابيين: إننا وراء الجيش اللبناني بكل ما أوتينا من قوّة، وأننا ندعم جيشنا ووطننا في هذه المعركة، وأن لا مكان للتطرّف في لبنان، ولا في عرسال، ولا في طرابلس، وأنّ اللبنانيين سيحاسبون كلّ المتورّطين مع «جبهة النصرة» و»مراسيلهم» وحُماتهم، وسيُحاسب المسمّاة «هيئة علماء المسلمين» التي تسارع في كلّ مرّة لإنقاذ «جبهة النصرة» ولتحرّض على الجيش اللبناني في محاولات حثيثة لزرع الشّقاق بين الشعب وبين الجيش!!
عَلَمُ «داعش» ارتفع في عرسال؛ والمطلوب الآن، وأوّلاً من مفتي الجمهورية صاحب السماحة عبد اللطيف دريان، أن يستردّ تمثيل «الطائفة السُنيّة» من بضع «عمائم» لدينا ألف علامة استفهام على دورها المشبوه الذي ورّط «الطائفة السُنية» بالقتال في سوريا، فهؤلاء الذين يقفزون من مؤتمر صحافي إلى آخر ليغمزوا من قناة الجيش اللبناني ويشكّلون خطراً حقيقيّاً على دار الفتوى أوّلاً وعلى مفتيها ثانياً، وعلى الطائفة السُنيّة ثالثاً، أقفلوا هذه «الدكاكين العلمائيّة» التي اعتاد على إنشائها جهاز المخابرات السورية منذ زمن الوصاية، منذ عبد الحفيظ قاسم وماهر حمود، في وجه المفتي الشهيد حسن خالد، إلى «هيئة العلماء المسلمين»، لقد حان الوقت لترفع دار الفتوى الغطاء الشرعيّ عنهم، وأن تردّ أذاهم عن لبنان وعن جيشه وعن «الطائفة السُنيّة».
والمطلوب ثانياً؛ أن يضرب الجيش اللبناني بيدٍ من حديد في عرسال، وأن يُنْذِر بإخلاء مخيمات اللاجئين فيها، وبشكلٍ إنساني لدواعٍٍ أمنية وحماية لمواطني عرسال الآمنين، وأن يجري توزيع هؤلاء اللاجئين على مخيمات تتوزع على الأراضي اللبنانيّة، وأن يُخرجوا من الأراضي اللبنانية وعلى الفور الهاتفين المطالبين بالأمس بإقامة «دولة داعشيّة» على أرضنا وفي وطننا، خصوصاً وأن هناك تسجيلات مصوّرة تكشف هويّاتهم، وإبعادهم فوراً بعد التحقيق معهم إلى سوريا، وليذهبوا ويعيشوا في «دولة داعش» في بلدهم!!
والمطلوب ثالثاً؛ أن تتّخذ الحكومة اللبنانيّة قراراً صارماً بالاتفاق مع الدول العربية بإجلاء نصف النازحين السوريين عن لبنان لما يشكّلونه من خطر على أمنه القومي والاجتماعي والديموغرافي، وأن تطالب بأن تستقبلهم الدول العربيّة في تكاتفٍ مع لبنان وتخفيفاً لهذا العبء الطاحن عنه.
والمطلوب رابعاً؛ وعي الشعب اللبناني و»الطائفة السُنيّة» تحديداً، بأنَّ ما يحدث في عرسال «مواجهة حقيقيّة» للجيش اللبناني مع الإرهاب والإرهابيّين، وأنّنا في هذه المعركة مع الجيش اللبناني حتى النهاية وفي اي إجراء يتّخذه ويراه مناسباً، وأن يتنبّهوا من ابتزاز مشاعرهم بكلام عن «الإنسانيّة»، لا يُسمن ولا يُغني من جوع، ولتتذكّر «الطائفة» أنها دفعت ثمناً باهظاً وفوق طاقتها بسبب «التعاطف الإنساني» مع اللاجئين الفلسطينيّين في السبعينات، فكنّا كمن يخرّب بيته بيده، حتى كدنا نكون نحن اللاجئون في وطننا!!
وليتذكّروا جيداً أنّ «الطائفة السُنيّة» هي التي دفعت أثماناً غالية فرضها عليها النظام السوري وأذلّها، ولنتذّكر جيّداً تلك الأغنية من زمن الحرب: «هنّي عم يتفرّجوا.. ونحن نموت»، وأنّنا لن نكرّر الخطأ مجدّداً على رغم أنف الذين دعوا اليوم لتخريب لبنان وإثارة الفتنة وتعدّوا على سلطة دار الفتوى وسلطة إيعاز المفتي بموضوع خطبة صلاة الجمعة، وعمّموا من عنديّاتهم عنواناً «لا لذبح عرسال» لخطب الجمعة اليوم علّهم يثيروا به فتنة بين الجيش والطائفة السُنيّة، «بدكن ما تواخذونا يا مشايخ الفتنة» لا لذبح لبنان، ولا لذبح الجيش اللبناني.