Site icon IMLebanon

إعلام  

 

أنا من الذين إذا غادر قطارُ حياتهم محطةً أسقطوها من حساباتهم وكأنها لم تكن. أمس عادت محطة وزارة الإعلام الى الذاكرة، جزئياً، خلال لقاء نقيب وأعضاء مجلس نقابة الصحافة الوزير جمال الجراح، وقد كان الحوار معه على بساط أحمدي،  ويصح القول إنه كان لقاءً مفتوحاً من القلب الى القلب. وكدت لا أتعرف الى مكتب الوزير في الطبقة السادسة من المبنى الذي يشكل مدخل شارع الحمراء مع المصرف المركزي والمقر السابق لجريدة «النهار». أجرى عليه تعديلات من دون أن يكبد الوزارة قرشاً واحداً… وبورك بالأصدقاء.

 

فتذكرت يوم تعييني مديراً للوكالة الوطنية للإعلام ووجدت الوكالة مجموعة من «علب السردين». وهو ما أطلقته من تسمية أو توصيف على قاعات صغيرة ليس فيها كرسي مستقيم ولا مكتب  بقواعد ثابتة، ولا جدار غير ناصل اللون، فجزمتُ قائلاً: علب السردين هذه لن تبقى ومقر «الوكالة» يجب أن يكون لائقاً بها. ولم تمضِ سوى أشهر معدودة حتى حققتُ  حلمي، فأزلت الجدران وأنشأتُ قاعة تحرير كانت الأحدث في المنطقة في حينه (1999)، و»نفضتُ»  «الوكالة» … وأيضاً من دون أن أكلّف وزارة الإعلام قرشاً واحداً. ما يذكرني بما فعله أخيراً النقيب عوني الكعكي في مقر نقابة الصحافة الذي كان آيلاً الى الهبوط، فأضحى مقاماً يليق بمهنتنا… وأيضاً من دون أن يحمّل النقابة قرشاً واحداً. ورحم الله المهندس الكبير ريمون نجار.

 

ولم أكتفِ بذلك بل نقلت الوكالة الوطنية للإعلام الى العصر من خلال التعاقد مع وكالة الصحافة الفرنسية.. فانطلقت «الوطنية» عبر الأقمار الصناعية ولا تزال. وعقدتُ اتفاقات  مع وكالات دولية ووطنية في مشارق الأرض ومغاربها… ليتبين لي أنّ أياً من تلك العقود لم يعد موجوداً بعد انتقالي من مديرية الوكالة الى الإشراف على ما كان يُسمى  بــ«الاعلام العربي والدولي» الذي اكتشفتُ أنه الكذبة الكبرى… كونه كان مجرد «تنفيعات» ولم يقدم للوزارة وللدولة أي خدمة… أجل! لم يقدم أي خدمة أو منفعة… وكان مرتب بعضهم فيه أكبر من مرتب حاكم مصرف لبنان… وتلك قصة أخرى، أما الخاتمة فكتبتُ الى مجلس الوزراء، بواسطة الوزير غازي العريضي، طالباً وقف تلك الكذبة…. وهكذا كان!

 

ولقد تعاملتُ في تلك الحقبة التي أمضيتها في الوزارة مع بضعة وزراء كان كلّ منهم على مواهب وجدارة وأخلاق (مع حفظ الألقاب: أنور الخليل، غازي العريضي، إيلي الفرزلي) كما رفضتُ أن أسخّر الوكالة لوزير آخر كان موظفاً صغيراً عند الأجهزة اللبنانية وغير اللبنانية… وتلك أيضاً قصة أخرى.

 

ومعروف أنني من الذين يقولون بإلغاء وزارة الإعلام وكنت اعتبرها عبئاً لا مبرر له. وهذا موقفي  لزمن وقد كتبتُ فيه  بضع عشرة مقالة منذ كنت رئيساً لتحرير مجلة «الأسبوع العربي» زمن مجد الصحافة اللبنانية. وعندما  أسستُ صحيفَتَي «البيان» اليومية في دبي و»البلاد» اليومية في المنامة واصلتُ المطالبة بإلغاء وزارة الإعلام مع مشروع بديل بإستقلالية الوكالة والإذاعة والدراسات…

 

وذكرتُ هذا، أمس، مع الوزير الجراح، فلم «يأخذ على خاطره» كما فعل أحد أسلافه قبل بضع سنوات عندما اعتبر المطالبة بالإلغاء موقفاً شخصياً منه.