IMLebanon

«المرونة العونية» في مواجهة اشكالية الثنائي نصر الله – بري

تشير كل المعطيات، الظاهر منها والباطن الى ان »حزب الله« يعطي أولوية لافتة لما يجري في المحيط الاقليمي من تطورات، بالنظر الى ما يمكن ان تؤول اليه هذه التطورات، التي باتت رهن ارادة »الحرب الكونية« الدائرة في اليمن وصولاً الى سوريا مروراً بالعراق الذي عاد يتصدر واجهة الحدث الاقليمي من جديد.. وقد احتفظ لبنان، »بفعل قرار دولي – اقليمي – داخلي« بالحد المطلوب من الأمن والاستقرار، على رغم الانجازات اليومية للأجهزة الأمنية والعسكرية في الكشف عن الخلايا والبؤر الارهابية وتكدس السلاح..

»الأمن خط أحمر« على ما أكد عليه الأمين العام لـ»حزب الله« السيد حسن نصر الله، في طلتيه الأخيرتين في ذكرى عاشوراء، وهو استند في هذا الى »القرار الدولي« تجنيب لبنان لهب ما يجري في سوريا تحديداً.. من غير ان يقفز من فوق الاستحقاق الرئاسي الذي بات على أبواب مرحلة جديدة فاصلة، ينتظر ما سيكون عليه موقف الرئيس سعد الحريري، حيث يتوقع عديدون ان يكون هذا الاسبوع بداية نهاية الازمة الرئاسية إن أعلن الحريري تبنيه ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية..

لم يكن مفهوماً كفاية ان يعلن السيد نصر الله تمسكه ببقاء الحكومة وتفعيل عملها، كما بتفعيل عمل مجلس النواب، وتعزيز دور المؤسسات العسكرية والأمنية سوى ان الفراغ في سدة الرئاسة، بات أمراً واقعاً بالنسبة اليه، وهو الذي شجع حليفه العماد عون طرق أبواب سائر الافرقاء والاستجابة لحراك الرئيس الحريري الذي بدأه على خط اعادة الحياة للمسار الرئاسي..

تولي »الرابية« أهمية لافتة لهذا التطور، وهي تتطلع الى حراك الحريري على أنه فرصة يجب عدم اضاعتها او التعامل معها بهامشية، لاسيما وأن هذا الحراك ما كان ليكون لولا الضوء الأخضر الدولي والعربي، وتحديداً الاوروبي والسعودي الذي يقرأ من عناوينه وليس من تفاصيله، وذلك على الرغم من خطورة تمادي قيادات »حزب الله« في الحملات ضد السعودية والعديد من دول الخليج البالغة التأثير في القرار اللبناني، سلباً او ايجاباً، وذلك بخلاف »المواقف المرنة« التي بدأ العماد عون وسائر قيادات »التيار الحر« اعتمادها في طلاتهم الاعلامية ومواقفهم أمام أنصارهم ومحازبيهم، وآخرها يوم أول من أمس في الذكرى الـ26 لـ13 تشرين الأول، والتي أعطت انطباعاً ان الجنرال عون، الذي يقال إنه نأى بنفسه عن التعليق على خطابي نصر الله في ذكرى عاشوراء، خصوصاً لجهة الحملة على السعودية، وقد أحرجه ذلك بعدما أعيد فتح الأبواب بين »الرابية« و»بيت الوسط«، على مصراعيها..

لم يكن العماد عون مرتاحاً كفاية لحملة نصر الله الحادة على السعودية وهو قرأ فيها رسالة لا بد من الرد عليها، ولو بطريقة غير مباشرة.. وسط أسئلة وتساؤلات خلاصتها الى أين يقود التطرف لبنان واللبنانيين.. فكانت مواقفه الأخيرة رسالة واضحة الدلالة والاتجاه، وإن بقيت غير واضحة النتائج بانتظار »كلمة السر«؟!

الجميع يتطلع الى ما ستكون عليه المواقف والتطورات خلال هذا الاسبوع، والذي بعده، وما اذا كان الحراك الرئاسي، الخارجي والداخلي للرئيس سعد الحريري سيمضي قدما ويصل الى خواتيمه التي يتطلع اليها باخراج لبنان من أزمته – محنته التي تشعبت وطاولت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، بل والوطنية، وسط سيناريوات لاتزال تتواصل عن »قطبة مخفية« في يد الرئيس نبيه بري، تتجاوز مسألة شخص العماد عون الى ما هو يتصل بصلب النظام اللبناني عبر ما يسمى بـ»المؤتمر التأسيسي« وان بأسماء مختلفة.. والاجتهادات في هذا تذهب مذاهب شتى ومتعددة؟!

اللافت ان المملكة العربية السعودية، وعلى رغم الحملة غير المبررة التي يطلقها السيد نصر الله، لم تعد النظر بمواقفها المعلنة سابقاً، وهي ان الاستحقاق الرئاسي شأن لبناني وهي تشجع الافرقاء اللبنانيين كافة على التوافق وتجنيب لبنان مخاطر ما يجري في المنطقة.. وذلك على الرغم من ان غير فريق لبناني لا يرى مصلحة للبنان في حياكة الاستحقاق الرئاسي من دون رضى ودعم الرياض، أقله من باب توازن القوى الاقليمية وقطع الطريق على احتكار طهران وسعيها الحثيث لتوسيع دائرة نفوذها والتفرد بالقرارات.

هناك عديدون باتوا على قناعة ان تصعيد السيد نصر الله لم يأتِ من فراغ، خصوصاً وأنه تقاطع مع حراك الرئيس الحريري الذي رفع الحرم عن العماد عون، ولقد كان الأولى بـ»حزب الله« ان يلتقط هذه النقلة لتعزيز فرص وصول »حليفه« العماد عون الى القصر الجمهوري كما وأنه تقاطع مع مواقف الرئيس بري الذي يلتزم الصمت ازاء هذه التطورات ولا يجد ان الفرصة مؤاتية كفاية لاطلاق الدخان الابيض لانجاز الاستحقاق وانتخاب عون رئيساً، وهو الذي كان واحداً من ثلاثة احتضنوا ترشيح الحريري للنائب سليمان فرنجية ولايزال عند ذلك..

في نظر البعض ان »العقدة الحقيقية« باتت الآن في عين التينة، والرئيس بري الذي يستعد لمغادرة لبنان الى الخارج لنحو عشرة أيام، لم يخفِ امتعاضه من حصر الاستحقاق برجل او رجلين خصوصاً مع »فقدان الكيمياء« بينه وبين الجنرال عون وقد أبلغ الحزب أنه »مش ماشي« بهذا الخيار.. وهو عندما سيعود سيجد ان الوقت ضيق، حيث المسافة الزمنية بين تاريخ عودته وموعد الجلسة الـ46 لانتخاب الرئيس، لا تتجاوز اليومين، ما قد يدفع الى ارجاء الجلسة لموعد لاحق، قد يطول وقد يقصر بحسب المعطيات المتوافرة كما وبحسب العناصر الأساسية التي سيبنى عليها اختيار الرئيس وما بعده؟!