هل كثير القول ان فلاديمير بوتين استدعى بشار الاسد وأبلغه فتح باب الحل السياسي على قاعدة “جنيف – 1″، اي ان يستعد للخروج بعد تشكيل الهيئة الانتقالية؟
قطعاً لا، ففي أقل من شهر تزايدت الموافقات على فكرة بقاء الأسد لمرحلة محددة، تنتهي فور تشكيل حكومة تتولى ترتيب المرحلة الانتقالية، بعدما كانت المطالبات منذ اربعة اعوام تجمع على تنحيه الفوري !
آخر الدول التي أعلنت قبول الفكرة تركيا التي وافقت على انتقال سياسي يظل الأسد بموجبه رمزياً في السلطة مدة ستة اشهر، وكشفت ان العمل يجري على خطة رحيله، وقد حصل تقدم في هذه الفكرة مع واشنطن ودول أخرى!
قبل هذا كان عادل الجبير يعلن ان السعودية ترى أنه يجب على الأسد ان يتنحى ما ان يتم تشكيل هيئة انتقالية، وان كانت فترة تشكيل هذه الهيئة أشهراً او شهرين او ثلاثة او أقل ليس مهماً، ولكن لا دور له في مستقبل سوريا.
السعودية وتركيا تمسكتا دائماً برحيل فوري للأسد، وقبولهما مع عدد كبير من الدول ببقائه لفترة انتقالية، يعطي نوعاً من الجديّة لخطة تترجم اتفاق “جنيف – ١” الذي فشل عام ٢٠١٢ لأنه لم يوضّح مصير الأسد، ولكن قد يبدو هذا متعارضاً مع اعلان بوتين دعمه لشرعية الأسد عشية بدء العمليات العسكرية الروسية. غير ان الخيارات الروسية بعد ثلاثة أسابيع من القصف، تضع موسكو أمام خيارات معقدة، لا مخرج منها الا بالعودة الى تعويم جنيف كمخرج وحيد!
ذلك ان بوتين الذي قال انه لا يريد ان يخوض حرباً دينية في سوريا يدرك جيداً انه يتّجه اما الى أن يكون عرّاباً لتقسيم سوريا عبر دعم قيام الدولة العلوية، واما الى ان ينغمس في حرب طويلة تأخذ لوناً مذهبياً شيعياً ضد السنة، وخصوصاً ان اعادة سلطة الأسد على ٨٩ ٪ من الأراضي السورية سيكلّف المزيد من الدماء والدمار .
وهكذا يضرب الأميركيون على وتر روسي حسّاس عندما يقول جون كيري ان لدى واشنطن مسؤولية تجنب التدمير الشامل والكامل لسوريا وتداعياته السلبية على المنطقة والعالم، وان هناك مصلحة أخلاقية في البحث عن وسيلة لتجنّب الكارثة الحالية. لكن روسيا التي لم تدخل أصلاً الحرب السورية لتساعد اميركا في ايجاد حل سياسي كما يتساءل كيري، قد تجد الآن شهية متزايدة للدخول في صفقة انتقال سياسي تنهي حكم الأسد!
على خلفية كل هذا، واضح ان البحث في الاجتماع الثلاثي الروسي الأميركي السعودي الذي تنظمه موسكو، هو جزء ممهد او مكمل للاجتماع الخماسي الأميركي الروسي السعودي التركي الأردني الذي دعت اليه اميركا، والبحث دائر حول نقطة واحدة: روزنامة الانتقال السياسي وموعد خروج الاسد؟