IMLebanon

إنفلونزا «لبنان» المتصدع

التصويت والبيانات من الجامعة العربية ضد الاعتداءات الإيرانية موقف رمزي مهم، لكنه بالنظر للأحوال العربية لا يقدم سوى دعم «صوتي» ينتهي بانتهاء نشره في وسائل الإعلام، ولبنان هو الحلقة الأضعف في هذه السلسلة الضعيفة، لذلك لا يؤثر، لا يقدم، ولا يؤخر رفض وزير خارجية لبنان التصويت ضد الاعتداءات الإيرانية وتدخلاتها في الشؤون الداخلية العربية، لكنه يكشف مرة بعد أخرى الارتباط الوثيق الكامل بالمشروع الفارسي، إما عن عقيدة كما هو لدى «حزب الله» أو للابتزاز السياسي كما هو من حلفائه.

من يقف من العرب ضد الاعتداءات ومشروع الهيمنة الفارسية على العالم العربي أعلن موقفه بوضوح، إما موقفاً «كاملاً» أو «النصف» وأحياناً «الربع».

ولبنان الأكثر وضوحاً في هذا الصدد، لكنه بصورته الزاهية القديمة لدى أهل الخليج أحدث رد فعل خاصاً في وسائل التواصل. هذه الصورة الزاهية عن لبنان انتهت وتلاشت منذ زمن بعيد، لكنها ما زالت باقية بالأبيض والأسود لدى بعضهم، ممن يرون أنه عاصمة للثقافة والحرية، لكنك ترى معي أن لبنان ليس حراً، على رغم صورة الحرية هذه.

في لبنان، الحرية للقوة المسلحة تفعل ما تشاء، تأخذ البلد بساكنيه من دون مشورتهم إلى أي منحدر، ثم بعد الخراب تعتذر.

يجب على أهل الخليج ولاسيما السعودية التخلص من وهَم لبنان، فالبلد الذي يوصف بالتعايش هو في واقع الأمر بلد «يتعيش» ساسته على الصراعات الإقليمية والتوظيف السياسي الشخصي لها مع توزيع الأدوار، وجه هنا ووجه هناك. وإذا لم يكن هناك صراعات على السطح تصارعوا في ما بينهم في وسائل الإعلام. واللبناني المواطن في لبنان «الديموقراطي» لم يستطع حتى أن يقول لا أمام ميليشيات تحكمه في الشارع وفي البرلمان، تتلقى قرار الحرب والسلم والاغتيال من طهران، بل هو مجبر على الاحتفال بخراب وطنه.

وإذا أخذنا الأمور بعين المصلحة – بعيداً عن حب الخشوم والكتوف- فإن لبنان لا يمثل أهمية تذكر للسعودية أو دول الخليج المعنية بالصراع مع إيران بقدر اليمن أو العراق، فإذا كان ساحةً للصراع السياسي الإقليمي فمن المؤكد أنه ساحة خاسرة، والخسارة حدثت لأن الخيارات والأدوات لعقود من الزمن كانت خاطئة ولا نرى مبشرات إصلاح لها.