Site icon IMLebanon

طُويَت على «زَعَل» و«زَغَل» ؟!

لن يطول الوقت كثيراً وستُطوى رسالة «الرؤساء الخمسة» إلى القمّة العربية، ولكنّ المضاعفات وردود الفعل التي أثارَتها ستُعلّم لدى هذا الفريق أو ذاك سلباً هنا وإيجاباً هناك، ولذا ستُطوى نهائياً عند فريق وعلى «زَغَل» أو «زَعَل» عند آخر.

يقول البعض إنّ الرؤساء الخمسة: امين الجميّل، ميشال سليمان، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، تمام سلام، بالرسالة التي وجّهوها الى القمة العربية في عمان، إنّما صنّفوا انفسَهم سياسياً عن الآخرين في «خانة واحدة» محاولين تكوين تيار سياسي يكون له حضورُه في الحياة السياسية مستقبلاً، خصوصاً في السلطة الجديدة التي ستتكوّن بعد الانتخابات المقبلة، لكن الذين يعرفون شخصيات هؤلاء الرؤساء وطباعهم يدركون أنّهم من أمزجة ومواصفات وشخصيات متناقضة، فميقاتي وسلام على الاقلّ هما الاقرب احدُهما الى الآخر من حيث المزاج العام والوسطية والاعتدال والنزعة التوافقية، فيما لكلّ من الجميل وسليمان والسنيورة شخصيته ونهجه السياسي الخاص في كل المراحل.

ولذلك ربّما يكون صحيحاً ما قيل من أنّ ميقاتي وسلام انطلاقاً من وسطيتهما واعتدالهما خفّفا من لهجة الرسالة ومضمونها في بعض النقاط الحسّاسة التي احتوتها، ولا سيّما منها المتّصل بالوضع الداخلي وموضوع السلاح وحساسيته، ذلك انّ الرجلين يتّصفان بالاعتدال والوسطية ولذلك انتَهجا مبدأ التوافق في الحكومات التي توَلّيا رئاستها، ويدركان جيّداً حساسية موضوع السلاح.

ولكنّ أحد هؤلاء الرؤساء الخمسة يدافع عن خطوتهم هذه فيؤكّد انّهم لم يتجاوزوا رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري عندما وجّهوها إلى رئيس القمة العربية ملك الاردن عبدالله الثاني، بل إنّهم حرصوا على إبلاغها اليهم قبل تسليمها الى السفارة الاردنية في بيروت لترسلها الى العاهل الاردني.

ويضيف هذا الرئيس أنّ فكرة هذه الرسالة طُرحت خلال الغداء الذي جمعَهم الى مائدة سليمان، حيث كانوا يناقشون الاوضاع في المنطقة والتهديدات الاسرائيلية ووجوب تماسكِ الدولة في مواجهة هذه التهديدات وتداعيات الأزمات الإقليمية، وارتأوا صوغَ الأفكار التي تداولوها رسالةً الى القمة العربية، ولم يكن في الأمر أيّ إيعاز بهذه الخطوة من هذه الجهة أو تلك أو من أي سفارة أو دولة.

ويَعتبر هذا الرئيس انّ ما احتوته الرسالة لم يخرج عن المقومات الاساسية لموقف لبنان وواقعِه وثوابته الداخلية وفي علاقاته مع العرب والمجتمع الدولي، وهذه المقوّمات لا يختلف اللبنانيون عليها من «الالتزام الكامل باتّفاق الطائف واستكمال تنفيذ بنوده كافّة، وبالدستور والعيش المشترك الجامع بين اللبنانيين، الى التزام لبنان الانتماء العربي والإجماع العربي وقرارات الجامعة العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالشأنين اللبناني والعربي وفي مقدّمها القرار 1701، فضلاً عن التزام «إعلان بعبدا» الخاص بتحييد لبنان عن سياسات المحاور والنزاعات الإقليمية والدولية، وصولاً إلى ضرورة التضامن العربي مع لبنان في تحرير أرضه وفي رفض السلاح غير الشرعي وضرورة بسط سلطة الدولة وأجهزتها العسكرية والأمنية لسلطتها وحدها على كلّ التراب اللبناني».

ويرى هذا الرئيس انّ هذه المسائل لا خلافَ بين اللبنانيين عليها، وإنّ كلّ العهود والحكومات السابقة والحالية تنادي بها، ولا ضيرَ من تذكير العرب بالتزاماتهم إزاء لبنان بهذه الرسالة الخماسية أو غيرها.

وفي رأيه انّ اصحاب الرسالة لم يُخطئوا في توجيهها الى القمّة، مشيرين الى انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وآخرين كانوا سطّروا في مراحل سابقة رسائلَ الى مؤسسات ومحافل دولية حول شؤون لبنان، ولم تلقَ ايّ ردود فعل كالتي لاقَتها رسالة الرؤساء الخمسة الى القمّة العربية، والتي تضمّنَت مسلّمات اساسية لا ضرَر من تذكير العرب بها وتحميلهم مسؤولية دعم لبنان.

ويرى هذا الرئيس أنّ كثيرين من الذين اعترضوا على الرسالة وهاجموها إنّما أخذوا بإشاعات ولم يقرأوا نصّها جيّداً، إذ ليس فيه ايّ شيء يخرج عن واقع لبنان المعاش ومطالبِه الدائمة المتكررة من جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي.

ويضيف: «لو كان في الأمر إيعازٌ ما من هذه الدولة أو تلك لَما كانت صَدرت خلال القمّة وبعدها تلك المواقف السلِسة، خصوصاً بالنسبة الى لبنان، حيث لم يؤتَ على ذكر ايّ شيء من شأنه ان ينعكس سلباً على الوضع السياسي والعلاقات بين مختلف القوى السياسية فيه، بل على العكس، جاء الموقف من لبنان داعماً ومتضامناً، ولم يَنكأ أيّ جروح ولم يثِر أيّ خلاف داخلي الى درجة انّ بعض الملوك والرؤساء الذين تحدّثوا خلالها لم يأتوا على ذِكر حزب الله، على رغم العلاقة المتوترة جداً بينه وبين بعض دول الخليج على خلفيات الأزمات السائدة في المنطقة.

بل إنّ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز سبقَ الآخرين متحدّثاً عن ضرورة إيجاد حلول سياسية للأزمتين السورية واليمنية، ثمّ كان له لقاء مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ومن ثمّ اصطحب رئيس الحكومة سعد الحريري معه في طائرته الملكية الى الرياض ليلتقيَ هناك ولي ولي العهد وزير الدفاع الامير محمد بن سلمان.

على انّ سياسيين يقولون إنه باستثناء تعبير «السلاح غير الشرعي» الذي ورد في الرسالة واعتبرَه كثيرون منطوياً على موقف سلبي لدى اصحاب الرسالة (أو بعضهم) إزاء سلاح حزب الله والمقاومة، فإنّ كلّ ما ورد فيها لم يكن خارجاً عن سياق الموقف السياسي العام للبنان وثوابتِه ومسَلّماته تجاه المجتمعين العربي والدولي.

ويرى هؤلاء السياسيون انّ هذه الخطوة ـ الرسالة ستنتهي مفاعيلها وردود الفعل عليها قريباً ليعودَ كلّ من أصحابها إلى عرينه لمواجهة المستقبل واستحقاقاته.