IMLebanon

القتلة منذ صلب المسيح 

 

 

لقد ان الاوان لكي نرفع اصواتنا ولكي نرفع قبضاتنا، ولكن نرفع بنادقنا بدل رفع اغصان الزيتون في وجه ذئاب العصر الحجري الحالي الذين يحاولون وبشتى الوسائل تغيير المفاهيم، تغيير مسار بشري الى هذا النوع من الهمجية.

 

لعلنا نسأل كيف يمكن في عالم القرن الحادي والعشرين وقد تداعت فيه الحدود، وتداعت فيه الاسوار، وحتى تداعت فيه الايديولوجيات المقفلة، ان يتم فتح الابواب امام اولئك البرابرة من اتباع الصهيونية والذين، منذ غافير بن غوريون وحتى الان بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الاسرائيلية، لا يشكلون تهديدا للفلسطينيين وحدهم او لليهود وحدهم، انما للبشرية في كل مكان، اذا اخذنا في الاعتبار الى اي مدى يستخدمون نفوذههم المالي والاعلامي في التمدد الاخطبوطي في كل العالم.

 

ما الذي يحدث امامنا في غزة او في لبنان حيث الاصرار الاسرائيلي المتعمد على توسيع نطاق الحرب، سوى محاولة تدمير ثقافة الحياة وثقافة الانسان، لا بل ثقافة الله لذلك التأويل الدموي للنفس التوراتي؟

 

حتى النازية لم تبلغ هذا الحد من العنصرية او من الشوفانية. ونتنياهو، الذي قام بجمع مفهوم الشخص مع مفهوم الدولة، انما قاد عملية القتل في صفوف الشعب الفلسطيني ورقص على ابواب الجحيم والمقابر من خلال دعواته المتتالية الى القتل والاغتصاب والاجتثاث والترحيل، لتكون الصهيونية سادت العالم وليس الشرق الاوسط.

 

اي وسيلة وحشية لم يلجأ اليها الصهاينة؟ لقد قطعوا المياه وقطعوا الغذاء وقطعوا الكهرباء وهدموا المستشفيات ليقضي عشرات الالاف من الجرحي في العراء، كما ان الصهيونية لا تريد ان يصل انين هؤلاء الجرحى الى السماء.

 

هكذا يريدون ان تتحول غزة الى مقبرة. ولكم حلموا منذ ايام زئيف جابوتنسكي الذي قال عام 1923 بقيام جدار النار بين الاسرائيليين والفلسطينيين وتحويل المنطقة باسرها الى مقبرة الصهيونية. لا تكفي الابادة الجسدية على مرارتها، ولطالما عملت لالغاء الهوية الفلسطينية والشخصية الفلسطينية لتأتي النتيجة عكسية تماما. فالهوية والشخصية الفلسطينية تزدادان توهجا ما دامت هناك ذاكرة النار حتى في عظام الفلسطينيين في ارجاء الارض.

 

واذا كان هناك من حاول خداع الفلسطينيين بالبنود المتعرجة والملتبسة في اتفاق اوسل، فان الفلسطينيين لن يقبلوا مصطلح الهدوء المستدام الذي تعرضه الادارة الاميركية، بل يصرون على وقف اطلاق نار مستدام، لان المعروف ان الصهيونية تريد، والمخطط للاحزاب الدينية المتطرفة في حكومة نتنياهو مثل الوزير بن غفير وزير الامن ومثل سموتريش وزير المالية، يصرون على هدوء مستدام وليس وقف اطلاق نار مستدام.

 

لا غباء يفوق هذا الغباء ليتوقف عند هذيان نتنياهو وصحبه. وامام تلك الصدمات العسكرية والسياسية المتلاحقة، يشترطون اطلاق كل الرهائن مقابل وقف مؤقت لاطلاق النار، لتعاود الصهيونية الحرب بعد ان يضمن نتنياهو بقاءه على ذلك العرش الاشبه بما يكون بالسلك الكهربائي، دون ان يعترض على دعوة بعض وزراء حكومته للجوء الى القنبلة النووية لصياغة تاريخ اخر للشرق الاوسط. وهنا نتذكر ما قاله الجنرال دوغلاس ماك آرثر القائد العسكري الاميركي غداة قنبلة هيروشيما النووية بتاريخ اخر للعالم لا مشكلة لديهم ما دامت معتقداتهم تقوم في جوهرها على الغاء الاهيار اي الهويين.

 

بهذه النظرة يتعامل الصهانية مع العرب حيث اقام اباءهم من القرون الغابرة، باعتبار ان وجود هؤلاء لا يشكل انتهاكا للحقوق البشرية، انما انتهاكا للحقوق الالهية، كائنات هي ما فوق البشرية، كيف لها ان تتكيف ولو تحت ضغط الظروف مع الكائنات ما تحت البشرية.

 

ولكن كل تلك التعبئة التلمودية او التوراتية منذ كلمة تيودور هرتزل في مؤتمر بال بسويسرا الذي انعقد عام 1897 لاطلاق الحركة الصهيونية وحتى الان، وكل تلك الاسلحة بالمواصفات الهائلة، بما في ذلك القاذفات الحربية الاكثر تطورا، لن تكسر لا روح المقاومة ولا قبضة المقاومة على ارض غزة، وبخاصة على ارض لبنان حيث ارتفعت المواجهة الى حرب جيشين: جيش مقاومة حزب الله والجيش الصهيوني يتراجع الى الوراء، وسيتولى الفلسطينيون واللبنانيون صياغة التاريخ الاخر والمسار الاخر للشرق الاوسط. وها هم الصهاينة يعترفون بان كل امكانتهم التكنولوجية التي تلامس الخيال، قد انكسرت امام الاداء الخارق للمقاومة، ان في جنوب فلسطين او في جنوب لبنان، دون ان تجدي سياسات المراوغة في الالتفاف حول التداعيات التاريخية لما حدث على الارض.

 

هنا الفارق الكبير بين عبقرية الدم وغوغائية الدم.