IMLebanon

في الغذاء والأداء..

 

صعب في الإجمال الحديث عن كيان قائم متكامل اسمه الدولة في لبنان. الأصحّ (ربما) هو وجود سلطة مركزية تراعي إلى حد بعيد شكليات ذلك الوجود والدور، لكنها في العمق والواقع ليست سوى تجمع منمّق (ومنطقي) لعدد من السلطات تحت عنوان واحد اسمه التنفيذي مجلس الوزراء.

بهذا المعنى يجوز النظر بخفر إلى «القرارات» التي تتخذها هذه الحكومة باعتبارها خلاصة توليفية لمجموعة سلطات إرتأت أنها في مكان ما يمكنها إعلان موقف واحد من قضية مركزية معروضة أمام الملأ، وبالتالي يهون الحكم عليها (القرارات والحكومة)، أو بالأحرى تصير مسألة التدقيق الانتقادي فيها، نسبية، بل تقارب فعل الرضى بالموجود باعتباره أقصى الممكن في زمن الاستحالات!

رغم ذلك، هناك أمر غير سوي حتى تحت ذلك السقف المتواضع، ومثال الحرب على الفساد الغذائي فجّ وغليظ في هذا السياق. حيث أن شؤون التغذية يفترض أن تكون فوق الانقسامات السياسية والحزبية والفئوية، مثلها مثل الرموز الوطنية العامة والجامعة والتي لا تزال عامة وجامعة ومنها العَلَم والعملة.. وصحن التبولة واللحم بعجين!

غير أن الأمر ليس كذلك! والبديهة هنا فعل عباطة! إذ وحده بلد مثل بلدنا يمكن فيه أن يخرج أحد الوزراء ليقدّم مطالعة لا تعوزها الوقاحة إزاء إجراءات وتدابير وصولات وجولات يقوم بها الوزير النقي والشجاع وائل أبو فاعور ضد الإرهاب الغذائي الذي يلطم اللبنانيين من كل باب والذي لا مثيل لتسيّبه وانتشاره وصلافته وجرأته حتى في أفشل الدول الفاشلة!

.. ودائماً هناك تلك الأصبع المرفوعة أمام الناس وعلى الهواء مباشرة! كأنها والصلف صنوان! أو كأنها صارت دلالة حصرية على نواحي العجز أو انعدام الثقة بالذات! أو حتى الذهاب إلى البلف والتمويه.. ارتفعت تلك الأصبع لتعوّض ركاكة غير مفهومة من قبل صاحبها: في حجّته وفي منطقه وفي انكشاف فشله في ممارسة مهماته وصلاحياته ووظائفه ومسؤولياته. بل بدا وكأنه يريد التستر (كأنه!) على الفضائح المتناسلة، أكثر من كونه راغباً في العودة إلى «أصول» التخاطب بين الوزراء و«معالجة» الأمور بعيداً عن الإعلام.

.. مفهوم أن مجلس الوزراء هو كادر شكلي لتجمع إئتلافي لسلطات عدة، لكن حتى في الشكل يعرض البعض مثالبه! ولا ينتبه في العمق، إلى أنه يظهر بمظهر المدافع عن إرهاب غذائي لا يعوّف أحداً، ويمسّ حالة ترتقي، كما سلف الذكر، إلى مستوى الرموز الوطنية الجامعة! ولو؟!