IMLebanon

ملف سلامة الغذاء  متى الرؤوس الكبيرة؟

حين نعيش في جمهورية التمديد فإنَّ الأمور لا تصل إلى خواتيمها، وإن هي وصلت أحياناً فإنَّها غالباً ما لا تكون خواتيم سعيدة، وهكذا مكتوبٌ على هذا الشعب أن يبقى يكتوي بنار جمهورية الإنتظار، علَّ الأمنيات والتمنيات تتحوَّل يوماً إلى ترجمة فعلية فتجد مَن يحوِّلها إلى أرض الواقع.

وزير الصحة وائل أبو فاعور، واحدٌ من المسؤولين الذي يكتوي بنار تمديد المشاكل وانتظار حلِّها، منذ بدأ حملة اللقمة النظيفة وهو يتنقَّل من لائحة إلى لائحة، بعضها مطابق وبعضها الآخر غير مطابق، والمضحك المبكي في هذا المجال أنَّ هناك مطاعم تكون غير مطابقة ثم تقول إنَّها صحَّحت أوضاعها لكنها تعود غير مطابقة مرة ثانية، وهكذا فإذا كانت الحكمة تقول: المؤمن لا يُلدَغ من جحر مرتين، فإنَّ المستهلِك في لبنان يمكن أن يتسمَّم من المطعم مرتين، ليس لأنَّه غير مؤمن بل لأنَّ التخاذل يجعله يكفر بالإجراءات والتراخي في تطبيقها.

فمنذ بدأت الحملة والوزير أبو فاعور يُعلِن عن أسماء مطاعم ومؤسسات غذائية، بعض الأسماء تكرر في أكثر من لائحة، ما يعني أنها سوَّت وضعها ثم عادت حليمة الفساد إلى عادتها القديمة، في تقديم مأكولات غير مطابقة للشروط الصحية.

ربما لهذا السبب بدا الوزير أبو فاعور شبه يائس في مؤتمره الصحافي الأخير، فأسف لعدم حصول تحسينات في مطار رفيق الحريري الدولي، رغم وصف وزير الأشغال غازي زعيتر لمستودعات المواد الغذائية والأدوية خلال الجولة المشتركة التي قاما بها قبل فترة، بأنها غرف إعدام ولم يتوانَ أبو فاعور عن القول: لا تزال هذه الغرف غرف إعدام ولم يتم إجراء أيٍّ من الإصلاحات.

كما لم يتوانَ عن القول: إن المزبلة لا تزال مزبلة، واضاف أنه توجه بكتاب إلى وزير الأشغال يطلب منه البدء بالإصلاحات، وأرفقه بتقرير أعدَّه مراقبو وزارة الصحة عما يجب القيام به.

هل من كلامٍ بعد هذا الكلام؟

أكثر فأكثر يتبيَّن أن مسألة الفساد ليست حالات فردية بل هي عبارة عن مافيات، وهذا ما ألمح إليه الوزير أبو فاعور من خلال تأكيده على وجوب أن يتوصل التحقيق إلى كبار الموظفين والمسؤولين، لأن صغار الموظفين كانوا يعملون لمصلحة كبار الموظفين.

إنه التحدي الأكبر، فالتصميم على الملاحقات القضائية لجميع المتورطين في ملف سلامة الغذاء أو بصورة أدق لا سلامة الغذاء، يُحتِّم مقارعة الرؤوس الكبيرة وكذلك كبار النافذين، فهل نشهد هذا الفصل الأصعب؟

المطلوب إجابات، ليس من الوزير أبو فاعور الذي يحاول كثيرون استفراده، بل من الحكومة مجتمعة، والتحدي الأكبر على طاولة مجلس الوزراء الذي يبدو أنَّه في جلسة هذا الأسبوع سيكون منهمكاً، من ضمن إنهماكاته، في إقرار سَفر وفود إلى الخارج!

إنَّها جمهورية التفسُّح على حساب الخزينة ووفق القاعدة الإثني عشرية، فتأمَّلوا.