Site icon IMLebanon

«كذبة» إهتزاز الأمن بعد جلاء النازحين

 

لا يستطيع أيُّ مسؤولٍ داخلي أو أُممي إنكارَ أنّ لبنان يعيش استقراراً بعكس دول المنطقة التي اجتاحتها الحروب والفتن، فيما يُرجع البعض الآخر النعمة الى حرص الدول الكبرى على عدم اللعب بالأمن بسبب وجود النازحين.

منذ 15 آذار 2011، تاريخُ اندلاع الحرب، مرّت سوريا والمنطقة بتحوّلاتٍ عدّة. فمن المواجهات بين «الجيش السوري الحرّ» والجيش النظامي، الى ظهور «داعش» والتنظيمات الإرهابيّة، وصولاً الى التدخّل الروسي لإنقاذ النظام وارتفاع موجات تدفّق النازحين الى دول الجوار، لم يشهد لبنان أيَّ خضّاتٍ أمنية كبيرة، باستثناء أحداث عرسال في 2 آب 2014 وما تبعها من مواجهاتٍ بين الجيش اللبناني و»داعش» و»النصرة» في جرود عرسال ورأس بعلبك والقاع، وبعض المعارك في طرابلس وصيدا، والتفجيرات المتنقلة.

كل تلك الأمور تدلّ على أنّ هناك قراراً دولياً ومظلّةً إقليميةً وعالميةً لإبعاد لبنان من لهيب المنطقة، وتسليح الأميركيين النوعي للجيش وما تبعه من دعم مركّز ومنظّم أكّد هذا الأمر.

وهناك مَن يقول إنّ هذا الدعم الأميركي والدولي سبّبه النازحون، والخوف من انتقالهم الى أوروبا وتعريضهم أمنَ إسرائيل للخطر إذا تحرّكوا جنوباً مثلما فعل الفلسطنيون سابقاً.

لكنّ مصادر دبلوماسية، تنفي هذا الأمر، وتؤكّد لـ»الجمهورية» أنّ «القرارَ بحماية أمن لبنان واستقراره هو قرارٌ استراتيجي، ولا دخل له بالنازحين، على رغم أنّ معظم الدول الأوروبية كانت تتخوّف من إنتقالهم اليها بحراً».

وتشدّد المصادر على أنّ «الدعمَ الأميركي لن يتبدّلَ في المدى المنظور، فواشنطن دعمت الجيش بأسلحة نوعيّة، كما أنّها تبني سفارةً في عوكر بمبلغ يفوق المليار دولار، ما يدلّ على أنّ أميركا لا ترغب بأن يزعزع أحدٌ استقرارَ لبنان».

وفي الوقت نفسه، تؤكّد المصادر الدبلوماسيّة أنّ الهدف الأميركي يلتقي مع الهدف الروسي، «فموسكو جادّة في حماية استقرار لبنان، وتملك علاقاتٍ مميّزة مع جهات لبنانية عدّة، وبالتالي فإنّ حلّ أزمة النازحين سيُريح لبنان وليس العكس بغضّ النظر عن الأهداف المخفيّة من وراء الاتّفاق الأميركي- الروسي».

وتؤكد مصادر أمنية لـ«الجمهورية» أنّ القوى اللبنانية باقية على جهوزيّتها حتى بعد انتهاء خطر «داعش» والتنظيمات الإرهابية، وهي تلاحق الخلايا النائمة وتضربها».

وتشدّد المصادر على ارتفاع وتيرة مداهمة مخيّمات السوريّين وضرب أيِّ تنظيم يمكن أن يؤدّي نشاطُه الى زعزعة استقرار البلاد»، لافتةً الى أنّ تجربة المخيمات الفلسطينية في لبنان لن تتكرّر، لأنّ الدولة واعية الى هذه النقطة، وتتحرّك فوراً، وهناك قرارٌ سياسي بإعطاء الضوء الأخضر للجيش بالضرب بيد من حديد».

لا يبدو أنّ لبنان سيتأثر أمنيّاً برحيل النازحين، لأنّ القرارَ الدولي بالحفاظ على أمنه ساري المفعول.

ومن جهة ثانية، فإنّ رحيلَ النازحين سينعكس إيجاباً على «النفسية اللبنانية» أولاً، كما سيخفّف الضغط على البنى التحتية، ويُريح الإقتصاد، ويزيل عن كاهل لبنان عبءَ توطين أكثر من مليون سوري كانوا سيغيّرون التركيبة الديموغرافية.

لذلك، لا تبدو واقعية، نظريّة ربط الإستقرار بالنازحين، فهي إن كانت تصحّ في أماكن، إلّا أنها كادت أن تؤدّي بلبنان الى الانهيار، لذلك فإنّ الدعوات هي لاستعجال عودة النازحين الى بلادهم تطبيقاً للاتّفاق الأميركي- الروسي، لأنّ الأمن هو أمنٌ سياسي، والدول الكبرى لا تريد تحويلَ لبنان ساحة نزاع وحروب.