زفّ رئيس لجنة الادارة والعدل النائب روبير غانم أمس بشرة «التوافق» على الغاء المادة 522 من قانون العقوبات التي تسقط العقوبة عن المغتصب في حال تزوّج ضحيته. إقرار تعديلات الفصل الأول من الباب السابع من القانونw لم تنته بعد، والنقاش الداخلي في اللجنة يتجه إلى دسّ المادة 522 في مواد «الخطف» و{مجامعة قاصر»
لم تُلغَ المادة 522 من قانون العقوبات اللبناني بعد. “حصل اتفاق مبدئي بين أعضاء لجنة الإدارة والعدل على إلغائها، وجميعنا متوافقون على هذا”، هكذا أعلن رئيس اللجنة النائب روبير غانم لـ “الأخبار”.
كذلك أعلن عضو اللجنة النائب نوار الساحلي انّ “المبدأ العام هو معاقبة المغتصب وعدم إعطائه أي فرصة أو سبب تخفيفي وبالنتيجة فإن التوجه العام هو لإلغاء المادة 522”. إذاً إجتماع لجنة الإدارة والعدل السادس لمناقشة تعديل الفصل الأول من الباب السابع من قانون العقوبات الذي يشمل كافة الجرائم المتعلقة بالاعتداء على العرض، لم ينتج عنه حتى أمس إلغاء ملموس للمادة التي تسقط العقوبة عن المغتصب في حال تزوّج ضحيته، في انتظار إجتماع الأسبوع المقبل، الذي يُفترض أن يكون الأخير للجنة لمناقشة هذا الأمر، من أجل بت الغاء المادة 522 بشكل مؤكد.
يؤكد غانم أنّ “اللجنة ناقشت وعدّلت حتى أمس المواد 503 حتى 510، ما يعني انه بقي أمامها حتى المادة 522 لترفع تقريراً مفصلا إلى الهيئة العامة لمجلس النواب بالتعديلات المقترحة”، متوقعاً أن “تمر التعديلات في الهيئة العامة لأننا ندرس الأمر بشكل موضوعي منذ أيلول الفائت ولا نخضع لأي ضغوطات”. يقصد غانم ان اقتراح الغاء المادة 522 تقدّم به النائب ايلي كيروز منذ تموز الماضي ووُضع على جدول أعمال اللجنة في أيلول، أي “قبل الحملات المطالبة بهذا الأمر”. وأكد أن المواد المتبقية “لن تأخذ الكثير من الوقت لأن قسما منها لا علاقة له بالجرم وقسما آخر لا إشكال عليه بين الأعضاء، على ان تنجز اللجنة كافة التعديلات الأسبوع المقبل”.
تؤكد الناطقة الاعلامية باسم منظمة “أبعاد” ليلى عواضة، نتيجة اجتماع المنظمة مع أعضاء اللجنة، انّ “الجميع في اللجنة مع الإلغاء التام للمادة 522 من دون ادخالها في أي مواد أخرى”، متوقعةً أن “تقر الهيئة العامة لمجلس النواب التعديلات لاحقاً لأن ما صرّح به رئيس اللجنة عن توافق الجميع على الغاء المادة يعني ان مختلف الأطراف السياسية موافقة على هذا التعديل”.
المادة التي يدور نقاش حول إمكانية إدخال المادة 522 فيها هي الفقرة الثانية من المادة 505
بالعودة إلى اجتماع اللجنة فقد أُقرّ، وفق غانم، “تشديد العقوبة في بعض المواد وإعطاء القاضي حق التقدير في مواد أخرى”. المواد التي تم تشديد العقوبة فيها، وفق عدد من أعضاء اللجنة، هي “المادة 503 التي رفعت فيها العقوبة إلى 7 سنوات كحد أدنى، والمادة 506 التي اضيفت اليها فقرة متعلقة بمجامعة قاصر تحت الـ 15 من العمر وتشديد العقوبة الى 7 سنوات كحد أدنى، إضافة إلى المادة 504”. لكن، الجزء الثاني في كلام غانم، والذي يتحدث فيه عن إعطاء القاضي حق التقدير، يحمل مخاطر عدّة، وهو ما كشفه النائب كيروز صاحب مشروع تعديل المادة 522، الذي أعلن لـ “الأخبار” انّ اللجنة “ستقرّر ما هي الجرائم التي لا يجب ان تستفيد من المادة 522 وما هي الجرائم التي يمكن ان تستفيد منها، مع العلم ان الجرائم التي ستستفيد من المادة 522 ستكون قليلة جداً”، مؤكدا قناعته بأنه “يجب الا تستفيد أي جريمة من المادة 522 لأنها جميعها جرائم مشينة بحق المرأة، لكن هناك أكثر من رأي في اللجنة”.
يَعني كلام كيروز، انّه وإن ألغيت المادة 522 باعتبارها مادة مستقلة فسيتم إدخالها في بعض المواد الأخرى، وهو ما حذّرت منه جمعية “كفى” التي تتخوف، وفق معلومات وردت اليها، من ان الاتفاق الذي أعلن عنه غانم “لم يشمل جميع الجرائم، فأبقى على هذا الإعفاء من خلال اقتراح تعديل مواد مختارة، كل واحدة على حدى، تتعلّق بجرائم أخرى ينص عليها الفصل الذي كانت تشمله المادة 522 ومنها المواد المتعلّقة بالعنف الجنسي على القاصرات، إذ سيُبقى على إمكانية عقد الزواج الصحيح والإعفاء من العقاب في هذه الحالة مثلاً، خاصة أن الزواج من قاصر لا يزال مسموحاً بحسب قوانين الأحوال الشخصية”.
تشرح الناطقة الإعلامية في “كفى” مايا عمار أنّ الحيلة تقوم على الغاء المادة 522 وتعديل مواد أخرى بحيث تضاف اليها المادة 522 وأبرز هذه المواد هما المادتان 505 و516، بحيث تعدل المادة 505 من “مَن جامع قاصراً دون الخامسة عشرة من عمره بالأشغال الشاقة المؤقتة. ولا تنقص العقوبة عن خمس سنوات إذا كان الولد لم يتم الثانية عشرة من عمره. ومن جامع قاصراً أتم الخامسة عشرة من عمره ولما يتم الثامنة عشرة عوقب بالحبس من شهرين إلى سنتين”، ويضاف اليها عبارة “تلغى العقوبة اذا عقد زواج صحيح بين مرتكب الجرم والمعتدى عليها”. أمّا المادة 516، التي لم تُناَقش بعد، فتتخوف “كفى” أيضاً من اضافة المادة 522 اليها بحيث تسقط الملاحقة عن من يرتكب فعل الخطف “دون خداع أو عنف على قاصر لم يتم الخامسة عشرة من عمره”.
ويؤكد الساحلي انّ “المادة التي يدور نقاش حول إمكانية إدخال المادة 522 فيها، هي تحديداً الفقرة الثانية من المادة 505 التي تنص على ان “من جامع قاصراً أتم الخامسة عشرة من عمره ولما يتم الثامنة عشرة عوقب بالحبس من شهرين إلى سنتين”. النقاش الدائر في اللجنة، وفق الساحلي، يشير إلى نصوص دينية تشرّع للفتاة القاصر التي شارفت على اتمام عامها الثامن عشر ابرام عقد “زواج”، إضافة إلى العلاقات الجنسية التي قد تحصل بين أشخاص في هذا العمر مع التأكيد على رضا الطرفين وغياب الإكراه في جميع الحالات. يقول الساحلي ان ملخص النقاش الدائر هو انه “طالما ان الأمر لا يحصل بالإكراه أو بالعنف فلا مشكلة في هذا الأمر”، وعليه لم تتخذ اللجنة أي قرار في ما يتعلق بإدخال المادة 522 إلى هذه المادة بحيث تسقط العقوبة عن المرتكب في حال حصل عقد زواج صحيح، ولا يزال الأمر محل نقاش. لكن ماذا عن إمكانية إضافة هذه المادة إلى مواد أخرى؟ يقول الساحلي انّ “ادخال المادة 522 مطروح فقط في الفقرة الثانية من هذه المادة، ومن المستحيل اقراره في الفقرة الأولى التي تتحدث عن قاصر دون الـ 15 عاماً، أو في أي مواد أخرى لأنه لا يمكن القبول بالإغتصاب وإعطاءه أي عذر”. إلّا أنّ غانم وكيروز أشارا في حديثهما لـ “الأخبار” إلى مناقشة اللجنة إعطاء أسباب تخفيفية لمن يتزوجا “خطيفة” برضاهما. وهنا نشير إلى أنّ المادة 514 تتحدث عن الخطف بالخداع أو العنف بقصد الزواج، أمّا المادة التي تتحدث عن الخطف من دون خداع أو عنف، أي “برضى الطرفين”، فهي المادة 516!